أصدر معالي مدير جامعة الملك عبدالعزيز الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن عبيد اليوبي قراراً إدارياً بإنشاء مركز في الجامعة باسم «مركز الترجمة والتعريب»، وكان معاليه قد بشّر بعزم الجامعة إنشاء هذا المركز في كلمته التي ألقاها في رعايته للورشة التي أقامها مركز التميُّز في اللغة العربية تحت عنوان: (كيف نبني مبادرات نوعية في لغة القرآن) يوم الأربعاء 24/2/1441ه في مكتبة الملك فهد العامة التي تقع في الحرم الجامعي، وقامت الورشة على محاور ثلاثة هي: «آليات التقدم في مبادرات ملتقى مكة الثقافي»، و»مفهوم المبادرات وعناصر بنائها»، و»المجالات والمسارات ذات الأولوية»، وأتت هذه الورشة ضمن استعدادات الجامعة للمشاركة في ملتقى مكة الثقافي لهذا العام تحت عنوان: (كيف نكون قدوة في لغة القرآن)، وشارك في الورشة أساتذة وخبراء ومهتمون من الجنسين، وتمخَّضت عن نتائج عدّة تدعم المبادرات الرامية إلى النهوض بالجهود التي تخدم العربية، وهذه الورشة المتميّزة هي أحد إنجازات مركز التميُّز في اللغة العربية بقيادة المشرف عليه الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن رجا السلمي، وقد حقق المركز العديد من الإنجازات خلال مدة قصيرة مضت على تأسيسه، ويأتي إنشاء مركز الترجمة والتعريب الجديد إضافة مهمة لجهود جامعة المؤسس في خدمة اللغة الشريفة، ولعل تشجيع الترجمة من العربية وإليها، والتوسع في برامج التعريب من أهم ما ينبغي التركيز عليه في كل المؤسسات التعليمية والبحثية لتواكب العربية مقتضيات العصر، ويتحقق التلاقح الثقافي والعلمي والمعرفي بين العربية وسواها من اللغات الحية. ويعوّل المهتمون والمختصون على هذا المركز المرتقب في النهوض بالترجمة من العربية وإليها في المجالات كافة، خصوصاً في ترجمة المؤلفات، والبحوث العلمية العالمية البارزة إلى اللغة العربية ليطلع عليها ويفيد منها الباحثون والدارسون من الأساتذة والطلاب، بحيث تواكب هذه الترجمات قدر المستطاع التقدم المتسارع الهائل في الإصدارات والكشوف العلمية في التخصصات المختلفة التطبيقية والنظرية في الدول المتقدمة علمياً، الذي لا يجاريه ما يصدر في العالم العربي، وسوى الترجمات العلمية يمكن لهذا المركز المرتقب أن يكون الجهة الرسمية المخولة لإجازة الترجمات الرسمية المتعلقة بالشؤون الحكومية والخاصة ذات الأهمية البالغة، والمخاطبات الرسمية الدولية التي تقتضي دقة بالغة في الترجمة من العربية وإليها. تلك بعض مهام الترجمة، ويمكن أن أتوسع فيها في مقالات قادمة إن شاء الله، أما التعريب ويسمى عند الغربيين Arabization فيشترك مع الترجمة Translation في عمومياته، ويفترق عنها في بعض خصوصياته التي تقوم على محورين: أولهما تعريب المقررات الدراسية، وذكرت بعض المصادر العلمية أن التعريب يعني استخدام اللغة العربية لغة رسمية في البلاد بصفة عامة، وفي التعليم بصفة خاصة، ورغم أن بلادنا العربية المسلمة لم تعان الكثير في تعريب المقررات الدراسية، إلا أننا وجدنا تحولاً في العقد الماضي نحو تدريس الكثير من العلوم بالإنجليزية في التعليم الخاص والجامعي، وقد يكون للمركز المرتقب دور في تقنين هذا الأمر، ووضع ضوابطه بالتنسيق مع وزارة التعليم، وهو لاشك تابع لها. والمحور الثاني للتعريب هو: وضع المصطلحات العلمية والتقنية العربية الجديدة التي توازي المصطلحات الغربية وخصوصاً الإنجليزية، فمع انفجار المعرفة، وظهور الكشوف والمخترعات الحديثة بشكل يومي تقريباً، يلزم أن تواكب العربية هذه المستجدات ويضع علماؤها مصطلحات عربية توازي وتغني عن المصطلحات الأجنبية وهو ما تفعله كل دول العالم حتى المتقدمة منها، ويكون ذلك باختيار كلمات عربية فصيحة تمثل المعنى المطلوب، وإن لم توجد الكلمة المطلوبة فإنها تشتق من الجذر الثلاثي الذي يحوّل المعنى نفسه أو معنى قريباً منه، كما يمكن تحوير نطق بعض الكلمات الأجنبية وتطويعها لقواعد النطق العربية ومجدداً بعض جوانب التعريب التي يمكن أن أتوسع فيها مستقبلاً. إن تأسيس مركز الترجمة والتعريب في جامعة الملك عبدالعزيز يسهم إسهاماً كبيراً في النهوض باللغة الشريفة في كل الميادين، ويتوافق مع رؤية 2030، ويحقق موضوع ملتقى مكة الثقافي لهذا العام 1441ه: (كيف نكون قدوة في لغة القرآن).