قضت مشيئة الله وسنته الكونية أن تكون الأيام بين الناس دولاً وأن من مظاهر قدرة الله في هذا الكون أن تتعاقب السنين والأعوام، اليوم تمضي على وجه الأرض إحدى هذه السنن بانقضاء ورحيل سنة هجرية أخرى في خطوة تعكس مدى تسارع الأيام بشكل مريب بحيث يخيل الى المرء بأن السنة قد أصبحت أقصر مما كانت عليه، هذا الإحساس هو شعور مشترك بين الكثير من الناس، لذلك يجب أن نتوقف أمامه مليًا حتى نسترجع فيه شريط الذكريات فنقيم حساباتنا ونقوم علاقتنا وأفعال ذواتنا، فنحن وإن كنا ملزمين بتنفيذ بعض المشاريع الشخصية في علاقتنا مع الآخرين في فترة زمنية وجيزة إلا أننا وفي أحايين كثيرة لا نكاد نهم بالبدء والشروع بما التزمنا به تجاه الآخرين وعاهدنا أنفسنا على قضائه وإنجازه إلا وتفاجئنا عجلة الحياة وقد داهمتنا أيامها بسرعة مذهلة معلنة دخول عام جديد لم يمنعنا من القيام بتلك المشاريع سوى مسلسل التسويف الذي يثبطنا على الدوام ودائمًا ما يعوق تقدمنا ولا يحفزنا إلا على طرح المزيد من الأماني والرجاءات ولا يحثنا الا على قول ليت وليت وليت، وإلا ما ذنب الأيام والشهور والأعوام، هذا هو حالنا أم هذا هو قدرنا، لو اتيحت لنا الفرص لكنا وكنا ولو سنحت وسمحت لنا الظروف والأيام لفعلنا وفعلنا ولو أمد الله في أعمارنا لأنجزنا وأنجزنا.. على غرار هذه الأقوال نسير وعلى شيء من قبيل هذا الطرح في التمني نعيش رغم علمنا المسبق بأن هذه الأماني والرجاءات لا ولن تبلغ بنا الغايات التي نطمح لها ونسعى اليها، يومًا ما سوف نستيقظ من غفلتنا الطويلة ولكن بعد فوات الاوان فنستذكر متأسفين تلك الايام التي أبكتنا والظروف التي أحزنتنا كيف انقضت فيها ساعات البهجة ولحظات الفرح وكيف ألقت بنا على شواطىء الأحلام ردحًا من الزمن، رحلت دون أن تشعرنا برحيلها ونحن كما نحن ما برحنا حتى هذه اللحظة غرقى في بحر الأماني، وطموحاتنا ما انفكت عن قائمة الأماني في انتظار تترقب موعد الانطلاق أخرستها آفة التسويف.