كشف مدير معهد العالم العربي في باريس، الناقد معجب الزهراني، عن عشقه للفكر والنقد باعتبارهما النافذة التي أطل منهما على المشهد الثقافي إثر عودته من دراسة الدكتوراة في السوربون عام 1989م، وأكد في مسامرته أمس الأول بجمعية الثقافة والفنون بالباحة، أنه تقدم في أول يوم تقاعد بعرض للتدريس في جامعة الباحة مجانًا ردًّا للجميل لمنطقته وأهلها إلا أنه لم يجبه أحد. وعدّ السيرة الذاتية فنًا جريئًا وشيقًا تنتمي للكتابة المقاومة، منها "خارج المكان لإدوارد سعيد"، و"الأيام" لطه حسين، ما يتسبب في استنبات عداوة أقرب الناس إليك بسب الوضوح والسيرة في كتابة ما لا يعرفه الناس. ونفى أن تكون سيرته "سيرة الوقت" من أدب الاعتراف، وإن تضمنت بعض المشاهد الواقعية، وأوضح أنه حذف من سيرته 46 صفحة كون بها مكاشفات ربما تحرم بعض القراء من متعة القراءة وتصنيفها في خانة أدب اعتراف، لافتًا إلى أنه ذهب لباريس بألم كبير وأمل صغير، إلا أنه الآن يشعر بأنه يسكنه أمل كبير وألم صغير إثر الإصلاحات الكبرى التي شهدها المجتمع السعودي. ووصف الدكتور معجب الزهراني المجتمع السعودي قبل أعوام بمن يمشي على قدم واحدة، فهو لا يقطع مسافات، واليوم نحن نمشي أسوياء شرط أن نتسارع في خدمة المشهد الثقافي وتعزيز أدوار الفضاءات الحضارية. وقال: "كثّر الله خير الروائيين والروائيات لأن أصدق خطاب ثقافي لدينا هو الخطاب الروائي". أول صدمة لي بفرنسا ولفت إلى أن أول صدمة ثقافية تعرض لها إبان وصوله إلى فرنسا، تمثلت في مناداة الابن لأبيه باسمه المجرد، ومناداة البنت لأمها باسمها. وأضاف أن حمد الجاسر وأحمد السباعي قاربا السيرة الذاتية، وعد قاسم حداد شاعرًا استثنائيًا، وأكد أن كتابة سيرة الوقت كانت عفوية ودون ممارسة لدور الرقيب كون الكتابة العلمية والفكرية أو الإبداعية تحتاج شجاعة وجرأة حميدة لأنها كتابة لقارئ نموذجي. وأوضح أنه بحكم تعلقه بباريس انتهى من أطروحته في ستة أعوام إلا أنه لم يعد إلى المملكة إلا بعد عشرة أعوام، واستعاد ما قاله الملك سلمان إبان اختيار موقع جامعة الملك سعود إذ قال البعض أنه أكبر من الحاجة فقال الملك سلمان "خذوه وعساه يكفيكم في المستقبل" مؤكدًا رؤية صاحب القرار واستشرافه للقادم. سب وتحريض وشتم ولم يخف ما تعرض له بعد عودته من البعثة وما طاوله من السب والتحريض والشتم والنعت بالكفر والزندقة، وعدّ المرحلة الحالية بأنها انتصرت للتنوير بالتنوير. وذهب إلى أن الوعي بالنقص أهم من الوعي بالاكتمال، مبديًا تخوفه من قلة المعرفة، وتحفظه على أسلوب التلقين لطلاب وطالبات لديهم معلومات أكثر من أستاذهم ما يحتم على المعلمين تفعيل الحوار واعتماد المحبة والثقة وأخذ الدرس إلى الأعلى. 40 عاما ضياع ثقافي وتعليمي وأبدى شفقته على الذين أساؤوا في كل الوطن العربي لرموزهم وتسببوا في هجرة العقول والأفكار، متطلعًا إلى تجاوز 40 عامًا من الضياع الثقافي والتعليمي. ولافتًا إلى أن إحدى إشكاليات المجتمع العربي أنه مجتمع شفاهي. واعترف في ختام المسامرة بأنه ارتكب حماقة بإدراج قصة مهاجر سعودي إلى إسبانيا في روايته "رقص" لأنها مشروع رواية مستقلة.