أعواد بلا ورود ليست باقة.. ورق بلا حبر ليس كتابًا.. قماش بلا خياطة ليس لباسًا.. واللباس والكتاب والباقة إن لم تدركها الحواس فلا وجود لها.. والإنسان بلا رفيق معه يوازيه لا تستقيم حياتهما.. أحدهما يشير ويقول ويعمل، والآخر يفهم ويرد ويُعين.. الإصبع الواحدة يستوي تحتها الألماس والحجر إن لم يكن معها أخرى تقلب وتميز.. بلا عينين تنظران بدرًا وشمعة وبلا قلبين يسمعان شِعرًا وحكمة لا يحصل أخذ ورد ولا متعة.. جسد بلا شهيق وزفير، بلا حركة وسكنة، بلا كسب وعطاء، هو جمادٌ ميت. الرفقة حياة.. ما خلا بيت من الرفقة الوطيدة السلسة الحرة إلا كان فيه خلل وحرج وظلمة.. لوحة وخاتم وناقة يهملها فرد واحد محبوسة معزولة سرعان ما تذهب نضارتها ويعتريها النقص وتفقد قيمتها، كعطر متروك وحده لا يوضع ولا يُشم. التعبير الحر إنسانية وأمانة وعون لطرفيه.. كن حيًا تجد حياة لكن ألقِ بضع كلمات كقطع صخرٍ وحديدٍ متجاهلا متباعدًا ولن يقبلك أحد.. انفث بلغط وأنت واجم لا تتفاعل وعيناك زائغتان وكيانك معرض، يكن إقبالك كإدبارك ويتهرب من حولك ويختفي الحب.. من لا يبدي مشاعرَ ولا اهتمامًا لما حوله، من لا يصغي ولا يقبل بل حسبه يثرثر متبلدًا متجمدًا، ذكرًا كان أو أنثى، فهو كسيارة جامدة تؤدي وظائف محدودة وتصوّت، ولا مكان لها في السكن والقلب، وقد تؤذي وتعطل. ابدأ وتناجى بأحاسيسك مع أحبتك، قل واصغِ، أعط وخذ بحرية وسماحة.. اغلب عُقدك الدفينة، أخرج مكنون وجدانك وخواطرك على طبيعتك وتفاهم وقدّر من معك لتسمو العقول والوجدان والأرواح، وتتغير النفوس وتتشكل للأحسن.. الرفقة والمعايشة بتقارب وسهولة ينبوع الحياة والسعادة والأمل.. بالمشاركة والتعاون ننشط وننتج، بالأخذ والرد والتعبير نعي ونبصر فنتغير.. بروح المودة وبمودة الروح نبدع فنحيا، وإلا صارت المعيشة دحرجة وقرقعة وإمعية.