لا يختلف اثنان أن بلادنا تعيش اليوم مرحلة مخاض جديد، لكنها تعيشه بكل يقظة واهتمام بهدف ترسيخ كل ما يصبو إلى تسريع عملية التنمية فيها لتواكب حركة التجديد والإصلاح الشاملين التي دعا اليها مليك هذه البلاد وسمو ولي عهده وأشعل جذوتها من خلال مبادرات عديدة لست الآن بصدد الإشارة اليها. لقد أدركت القيادة أنه لا سبيل للتسريع في عجلة التنمية التي تحقق مصلحة البلاد والعباد دون أن تزيح عن طريقها معوقات التنمية ومن بينها إن لم يكن من أهمها الدعوة إلى التكفير أو الدعوة إلى الغلو والتشدد، وكلاهما وجهان لعملة واحدة. لقد تعاونا على الإثم والعدوان مستهدفين قلب موازين الحق والاعتدال من خلال إصابة الأمن الفكري في مقتل، ولإحداث الفرقة والبلبلة في صفوف المجتمع وتقسيمه، فهم بهذه الخطى يحدثون من البلاد ما الله به عليم، ما لم تكن هناك وقفة حازمة وإيمان قوي بأن نكون جميعاً كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر لمواجهة الخطر المحدق بنا. وعلينا أن نتذكر دوماً أن جماعات التكفير والتغرير حيثما وجدوا لم يسهموا إلا في تأجيج الفتن والخلافات وكانوا سبباً في تراجع بلدانهم اجتماعياً واقتصادياً والشواهد على ذلك كثيرة، فضلاً عن أن دعوتهم المشينة تقضي بالسماح بالتدخلات الأجنبية في الأوطان وقد تجسدت في أفغانستان التي يعاني أهلها من الويل والثبور وعظائم الأمور وتكتوي بناره الشقيقة باكستان. بلادنا اليوم تتآمر عليها قوى الشر والعدوان لمحاولة النيل منها وإيقاف عجلة النمو المتسارعة وإحداث الشروخ فيها وكل الغيورين يدركون هذا التآمر الذي لا يبطله إلا استشعار أهلها لمسئولياتهم كاملة نحو وطنهم والاستفادة من دروس الرياح العاتية التي عصفت ببلدان عديدة وليس أمامنا -بعد عون الله- سوى تقوية الجبهة الداخلية وقوة التماسك للسعي لإفساد أي مؤامرة تحاك بنا. علينا أن نتذكر دوماً أقوال الفلاسفة والخبراء بأن لا ننظر للنصف الفارغ من الكأس ولكن يجب أن ننظر إلى النصف الممتلئ.. حيث من البديهي أن النظر إلى النصف المليان يعطيك طمأنينة وثقة والنظر للنصف الفارغ يعطيك دافعية للأمام وهذا ما نحن فيه الآن لتحقيق الأهداف والرؤى، والمكاسب التي تحققت رغم كل الظروف المحيطة مدعاة للفخر والإعتزاز، وحب الوطن لا يقتصر على المشاعر والأحاسيس فحسب، بل يتجلى في الأقوال والأفعال.