أجرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي وزعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن محادثات "بناءة" برأي الطرفين اليوم الأربعاء، في محاولة للتوصل لتسوية بشأن بريكست تجنب البلاد الخروج من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق في 12 أبريل، وخرجت ماي عن استراتيجيتها المتشددة وسعت للحصول على دعم كوربن في خطوة مفاجئة اتخذتها في اللحظة الأخيرة، وقد تحسم مصير البلاد وحكومتها. ورفض البرلمان البريطاني ثلاث مرات الاتفاق الذي توصلت إليه مع دول الاتحاد الأوروبي ال27 الأخرى، وبدأت بروكسل تبدي نفاد صبر مع اقتراب استحقاق بريكست بدون أن يكون هناك اتفاق في الأفق. وخرجت ماي الثلاثاء من اجتماع استمر سبع ساعات مع وزرائها لتعلن أنها ستطلب من بروكسل تأجيلاً "قصيرًا" لبريكست خلال قمة الاتحاد في 10 أبريل في بروكسل. وأضافت في تصريح لافت: إنها باتت على استعداد لتعديل مبادئها السابقة والاستماع إلى الاقتراحات القاضية بقيام علاقات مع الأوروبيين بعد بريكست أوثق مما يمكن أن يقبل به معظم المحافظين في حزبها، ووصف الطرفان لقاء الأربعاء بأنه تمهيدي، إلا أنه "بناء"، وقال المتحدث باسم رئاسة الحكومة "كانت محادثات بناءة، بحيث أظهر الطرفان مرونة والتزامًا بوضع حد للغموض الحالي حول بريكست"، وأضاف: "وافقنا على برنامج عمل لضمان تنفيذ إرادة الشعب البريطاني وحماية الوظائف وضمان الأمان". وقال متحدث باسم حزب العمال: "إنه تم عقد محادثات استطلاعية بناءة حول كيفية الخروج من مأزق بريكست"، لكن كوربن قال من جهته: "لم يحصل تقدم بالقدر الذي كنت أتوقعه"، مشيرًا إلى أن المحادثات ستتواصل الخميس. ولقي هذا التغيير في موقف ماي موقفًا حذرًا من جانب الأوروبيين الراغبين في تسوية الخلاف قبل استحقاق الانتخابات الأوروبية بحدود منتصف مايو. وأدلى رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر بتصريحات في البرلمان الأوروبي تعهد فيها قائلا: "سأبذل كل ما بوسعي شخصيا لتفادي بريكست فوضوي"، داعيًا الاتحاد الأوروبي إلى الاستعداد للموافقة على تأجيل جديد. وتابع: "إذا تمكنت المملكة المتحدة من المصادقة على اتفاق الانسحاب بغالبية ثابتة بحلول 12 أبريل، فعلى الاتحاد الأوروبي أن يكون على استعداد للموافقة على إرجاء إلى 22 مايو"، من جانبها تعهدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ب"الكفاح حتى الساعة الأخيرة" لتفادي هذا السيناريو الذي تحذر منه الأوساط الاقتصادية، غير أن مبادرة ماي تجاه كوربن أثارت غضب الجناح الأكثر تمسكًا ببريكست متشدد في حزبها المحافظ. فقد استقال وزير الدولة نايجل أدامز معلنًا لماي أنها ترتكب "خطأً فادحًا"، كما أعلن وزير الدولة لبريكست كريس هيتون هاريس استقالته احتجاجًا على إرجاء بريكست، غير أن الوزراء الرئيسيين المؤيدين لبريكست بقوا متريثين وسط ترقب لما ستفضي إليه اللقاءات المرتقبة بين الحكومة والقادة العماليين خلال الأيام القليلة المقبلة. تدابير ملزمة ويسعى كوربن لإبقاء بريطانيا في اتحاد جمركي مع أوروبا بعد بريكست، وسبق أن رفضت حكومة ماي هذا الطرح لأنه سيمنع بريطانيا من عقد اتفاقات تجارية خاصة بها مع دول كبرى مثل الصين والاتحاد الأوروبي، وقال وزير بريكست ستيفن باركلي: "إنّه إذا فشل الطرفان في التوصل لتسوية فقد يتوصلان لخيارات مقبولة من الجانبين يمكن طرحها للتصويت على البرلمان في الايام المقبلة"، وقال: "إن هذه التدابير ستكون ملزمة للحكومة حتى لو أيد البرلمان إضافة الاتحاد الجمركي على اتفاق ماي"، مضيفًا بهذا الصدد: "إن ماي ستوافق على ما يصوت عليه المجلس، من أجل المصلحة الوطنية، وتأمل ماي في أن يكون لديها اتفاق تطرحه في بروكسل، بحيث تتمكن بريطانيا من الخروج من الاتحاد قبل يوم من انتخابات البرلمان الأوروبي في 23 مايو، وفي ظل التفاؤل بأن مساعي الطرفين ستسمح بتفادي بريكست فوضوي، حقق الجنيه الإسترليني تقدما فاق التوقعات، غير أن حاكم بنك إنكلترا مايك كارني حذر متحدثًا لشبكة سكاي نيوز بأن خطر بريكست بدون اتفاق بلغ مستوى "يثير القلق"، ومن المقرر أن يصوت البرلمان في وقت لاحق الأربعاء على قانون يرغم ماي على طلب تأجيل في حال تأكد الأسبوع المقبل احتمال خروج بدون اتفاق.