رفض النواب البريطانيون مساء اليوم الثلاثاء اتفاق بريكست المعدّل الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء تيريزا ماي مع الاتحاد الأوروبي ما قد يدفع بالمملكة المتحدة الى المجهول قبل 17 يوما فقط من موعد انسحابها المقرر من التكتل. وصوت البرلمان ضد الاتفاق بغالبية 391 صوتا مقابل 242. ويمكن أن يؤدي رفض البرلمان مجددا لما توصلت اليه ماي مع الاتحاد الاوروبي الى فوضى اقتصادية، لأن لندن قد تواجه عندها في 29 مارس احتمال الخروج من دون اتفاق من الاتحاد الاوروبي، الذي يعتبر أكبر شريك تجاري لها، بعد عضوية استمرت 46 عاما. الا ان الاتحاد الاوروبي سارع الى تأكيد استعداده "للنظر" في طلب بريطاني "دوافعه مبررة" لإرجاء بريكست، بحسب ما أعلنت الثلاثاء متحدّثة باسم التكتّل بعد رفض البرلمان البريطاني الاتفاق. وقالت متحدّثة باسم رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر "إذا قدّمت المملكة المتحدة طلبا مبرر الدوافع للتمديد، فإن الأعضاء ال27 في الاتحاد الأوروبي على استعداد للنظر فيه واتّخاذ قرار بالاجماع". وقال متحدّث باسم رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إن رفض الاتفاق يفاقم "بشكل كبير" خطر خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي من دون اتّفاق. كذلك اعتبر كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف بريكست ميشال بارنييه أن "المملكة المتحدة هي الوحيدة القادرة على إخراج نفسها من المأزق"، مضيفا أن استعدادات الاتحاد الأوروبي لخروج من دون اتفاق "هي حاليا أكبر من أي وقت مضى". وأبدت الرئاسة الفرنسية "أسفها" لنتيجة تصويت البرلمان البريطاني، مضيفة أن باريس لا يمكنها "بأي حال من الأحوال القبول بإرجاء (موعد بريكست) من دون وجود استراتيجية بديلة وذات مصداقية من قبل المملكة المتحدة". من جهته، اعتبر زعيم حزب العمال البريطاني المعارض جيريمي كوربن أن الاتفاق الذي أبرمته ماي "أصبح ميتا". وكانت ماي في آخر محاولة لإقناع النواب بالتصويت لصالح الاتفاق، قالت الثلاثاء إن بريطانيا "يمكن أن تخسر بريكست" في حال التصويت ضد الاتفاق. وقالت أمام البرلمان "بالنسبة للراغبين حقا في تحقيق بريكست عليهم أن يدركوا أنه في حال عدم الموافقة على الاتفاق الليلة، فإن هذا المجلس يخاطر بعدم تحقيق بريكست مطلقاً". وأضافت "الخطر بالنسبة الينا نحن الراغبين بتحقيق بريكست والحصول على ثقة الشعب البريطاني وتنفيذ ما صوتوا له في استفتاء بريكست، هو خسارة بريكست في حال لم يتم التصويت بالموافقة على الخطة الليلة". وقد توجهت مساء الاثنين على وجه السرعة الى ستراسبورغ لانتزاع تنازلات من قادة الاتحاد الأوروبي في محاولة أخيرة لكسب تأييد البرلمان البريطاني في إحدى جلسات التصويت الأكثر أهمية له منذ أجيال. وأعلنت رئيسة الوزراء البريطانية أنها حصلت على "تعديلات ملزمة قانونيا" لطالما طالب بها النواب في مسألة الحدود مع إيرلندا. لكن النائب العام البريطاني النافذ جيفري كوكس قال إن المحاذير القانونية في النقطة الأكثر خلافا في اتفاق الانسحاب المكون من 585 صفحة الذي تم الاتفاق عليه مع الاتحاد الأوروبي "لا تزال على حالها". وتعرض الاتفاق الأول الذي أبرمته ماي مع بروكسل إلى هزيمة ساحقة في البرلمان في يناير مع تشكيل النواب المناهضين لبريكست والمدافعين عنه تحالفا غير متوقع. لا شيء تغيّر ويعارض أشد أنصار بريكست خطة "شبكة الأمان" بشأن الحدود مع إيرلندا والمصممة لتجنب اندلاع العنف الطائفي مجددا في إيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا. وضغط هؤلاء على ماي لضمان حق بريطانيا في الانسحاب من الخطة أو تحديد مدتها. لكن بروكسل اعتبرت أنها ضرورية للحفاظ على حدود التكتل الخارجية بعد بريكست. وأفاد الحزب الوحدوي الديموقراطي في بيان أنه "لم يتم تحقيق تقدم كاف" داعيا إلى "اتفاق منطقي". واعتبرت موافقة الحزب الوحدوي الديموقراطي مهمة للغاية لإقناع أعضاء حزب ماي بالتخفيف من حدة معارضتهم وإما دعم الاتفاق أو الامتناع عن التصويت. العرض الأخير وكان قادة الاتحاد الأوروبي اكدوا ان هذا العرض هو الأفضل والأخير الذي يمكن لبريطانيا توقعه. وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر "لن تكون هناك فرصة ثالثة". أما المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل فقالت الثلاثاء إن الاتحاد الأوروبي قدم "اقتراحات واضحة وواسعة النطاق تأخذ في الاعتبار مخاوف بريطانيا العظمى وتقدم الحلول لها". وتمهد الهزيمة لجلستي تصويت جديدتين على الأقل في البرلمان تعهدت بهما ماي في محاولة للحفاظ على وحدة حكومتها المنقسمة. وسيصوت النواب في جلسة بات عقدها أمرا مرجحا الأربعاء على مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس دون أي اتفاق. ويعد هذا الخيار محفوفا بالمخاطر الاقتصادية ولا يدعمه إلا أشد أنصار بريكست. وفي حال رفض النواب سيناريو الخروج بدون اتفاق، فسيتبع ذلك تصويت الخميس على طلب تأجيل من الاتحاد الأوروبي. وسيكون على باقي دول التكتل ال27 دعم التأجيل بالإجماع واتخاذ قرار بشأن مدته. وسيعقد قادة الاتحاد الأوروبي قمة في بروكسل في 21 و22 مارس. وسيتعين على أي تأجيل أن يكون قصير الأمد. وأفاد يونكر أنه "يجب إكمال بريكست قبل الانتخابات الأوروبية" في نهاية مايو.