أوراق الأعمار تسقط لترحل الأجساد عن دنيانا وتبقى الأرواح تطوف حولنا وتجتمع معنا ونحن نيام، وقول الله تعالى يؤكد ذلك (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى، إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). وسبحان الله الذي جعل المصاهرة سبباً للرحم وتكوين العلاقة بين البشر وتقويتها بالزواج (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ، إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). ويحمد للنساء ذلك لأنهن السبب وهن من تُطلب أيديهن للزواج وفي أرحامهن يُخلق ويُخلَّق البشرُ بأمر الله لتُعمَّر الأرضُ إلى أن يرثها الله ومَن عليها. وبالأمس القريب فقدنا عزيزة غالية علينا، تربطني بها علاقة مميزة، إنها الخالة الكريمة عائشة عمر الطيار التي رحلت عن دنيانا بعد عِشرة عُمْرٍ معنا ككل، والداً وعائلة، وإنجاب أخوين كريمين حبيبين لأنفسنا وأرواحنا الدكتور أحمد والمهندس محمد، وهما من بقيا لي من الإخوة في هذه الدنيا الفانية أدام الله الأخوَّة والمحبة فيه، ورحمها الله تعالى رحمة واسعة هي ووالدتي وإخوتي وجميع موتانا وموتى المسلمين. وسبحان الله ما إن ترى الميت مسجىً إلا وما كانت علاقة بينكم تمر خواطرها على البال لحظتها، رحمك الله أم أحمد، سنين طوال مرَّت وأنتِ بيننا، فنِعمَ الأم ونِعمَ العشرة، وأنت الآن في لقاء متجدد مع الأحبة ووالدتي ووالدي وإخوتي ووالدك ووالدتك وإخوتك ومحبيك ممن سبقك في البرزخ رحمكم الله جميعاً رحمة واسعة، وأسال الله أن يكون فيه لكم جميعاً النعيمُ المقيم. ولقد لبَّى الله لك مطلب حُسن الختام في مدينة مصطفاه وحبيبه وحبيبنا جميعاً صلى الله عليه وسلم، ودفنُك في بقيع الغرقد الذي دعا صلوات ربي وسلامه عليه لمن دُفنوا فيه بالرحمة وهم الأموات المستأنسون بجوار نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم. جعلنا الله عز في علاه في جواره صلوات ربي وسلامه عليه أحياء وأمواتاً ومبعوثين وفي الفردوس الأعلى من جنة النعيم بعد حسن ختام في مدينته صلى الله عليه وسلم الحبيبة طيبة طابة التي يطيب فيها كل شيء، حتى الموت فيها يطيب. ونختم بثلاث فوائد وثمرات تحصل بالصلاة على الحبيب صلى الله عليه وسلم: • إنها سبب لنفي الفقر . • إنها تنفي عن العبد اسم البخل إذا صلى عليه وسلم عند ذكره صلى الله عليه وسلم. • إنها ترمي صاحبها على طريق الجنة وتُخطىءُ بتاركها عن طريقها. وما اتكالي إلا على الله ولا أطلب أجراً من أحد سواه.
