* بحسب صحيفة "المدينة" ليوم الأحد الماضي "تلقت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) خلال الشهور الستة الماضية 6761 بلاغاً، منها 2433 حول سوء الإدارة واستغلال السلطة، و1572 كانت في ميدان الاختلاس، و554 منها في مجال الرشوة"! * الأرقام طبعاً كبيرة فإذا أضفنا لها "قضايا الفساد" التي من المتوقع أن فِرق نزاهة وجهودها وتحقيقاتها قد وصلت إليها فإنها ستتضاعف بالتأكيد، وهذا ما استفزني للعودة لموقع الهيئة على الإنترنت بحثاً فيه عن المزيد من التفاصيل، وكانت المفاجأة أنه لا يحمل أي جديد في كشف المستور! * فالخبر الإعلامي الذي جاء في الحديث عن شبهة فساد وتحقيقات فيها كان في "ربيع ثاني 1438ه"، أي قبل أكثر من سنتين، أما ما بعده وحتى اليوم لا يخرج عن زيارات واستقبالات وكلمات رئيس الهيئة، ومشاركاتها في المعارض والمؤتمرات والملتقيات والمنتديات داخل المملكة وخارجها! * وهنا شهر ربيع الثاني من العام 1432ه؛ كان إطلاق (العزيزة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة") أمَلاً بأنْ تُمَارس دورها في كشف الفساد الإداري والمالي، وتحويل هواميره للعدالة الناجزة، كائناً مَن كَانوا، وكذا في مكافحته بقوانين وضَربَات استباقية تحمي الوطن والمواطن، وتساهم في حفظ الحقوق والمَال العام. * ولكن يبدو أن "الهيئة" قد فَقَدت البوصَلة؛ حيث غرقت في بحور التنظير والمؤتمرات والزيارات والعبارات الوعْظية في مخاطبة المجتمع البريء، بينما ابتعدت عن رسالتها النبيلة ودورها الحقيقي في الوصول للمجرمين الفاسدين! * ولذا بما أن بلادنا وبدعم من قيادتها الحكيمة تشهد تحولات إيجابية كبرى في ملفات تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد بشتى صوره؛ فهذه دعوة ل(نزاهة) -التي نثق بها وندعمها- لكي تبحر بعيداً عن دوامات التنظير؛ وترسو على شاطئ هدفها الأمني السامي والنبيل، فما زلتُ أحلمُ بذلك اليوم الذي تعقد فيه مؤتمراً صحفياً كل شهر، تُعْلِن من خلاله تفاصيل قضايا الفساد وخلاياه التي كشفتها، معلنة أسماء مَن تورطوا فيها، كما تفعل "وزارة الداخلية" مع الجماعات الإرهابية، فمتى يأتي ذلك اليوم أم أن حضوره ما زال مستحيلاً؟!.