الأسبوع الماضي كانت زيارتي الأولى لمقَرّ هيئة الصحفيين السعوديين في الرياض، المبنى رائع من الخارج؛ لكنه مُوحِش من الداخل، ويبدو أنه يُعَانِي من هَجْر السّكُان! المهم لاشيء يلفت في ذلك المَبْنَى إلا مئات النُّسَخ من مطبوعات تَوعَوية تُحَذِّر من الفساد وتبصم على خطورته بصوره المختلفة، ومن عناوينها: (النزاهَة والرشوة، خطورة الفساد الإداري والرشوة على المجتمع، الواسطة مفهومها وحكمها وآثارها...)!! تلك المطبوعات من إصدارات الهيئة الوطنية لمكافحة الفَسَاد (نَزاهَة)، ولست أدري لماذا اكتِظت بها هيئة الصحفيين بالذات؛ هل هو حُكْم الجِوار؟! أمّ أنّ (نزاهة) تريد أن تَأمَنَ شَرّ السلطة الرابعة (الصحافة)، وتثبت لها في عُقر دارها الجهود في محاربة الفساد والمفسدين، (ربما)!! لكن ما أصبح ظاهراً على أرض الواقع أن العزيزة (نَزاهَة) تَخَلّت عن مسئوليتها المباشرة في مطاردة (هَوامِير الفَسَاد)، ومحاولة كشفهم واستعادة ما سلبوه من المال العام، وتفرغت للنصائح والتّوعِية والمشاركة في المؤتمرات والندوات والمعارض! نعم التوعية مهمة لكنها مَنوطة بالأسرة والمدرسة والمسجد والجامعة والعلماء ووسائل الإعلام؛ مع أن المواطن البسيط الصغير منه قبل الكبير يعرف أنّ الواسطة بلاء على المجتمع، وأنّ الرشوة محرمة، ولكن قد يُجْبِره عليهما بحثه عن حقوقه عند (موظف مَا) فَاسِد!! أيضاً ذلك المواطن يعلم جيداً نماذج الفساد المختلفة وخطورتها على الوطن وتضييعها لمشروعاته، وإهدارها لمقدراته! ولذا فهيئة مكافحة الفساد مطالبة أن توفّر الجهود والأموال في فتح ملفات الفَسَاد، ومعاقبة هَوامِيره؛ فهل يُعقَلّ - كما تَرَدّد - أن تمضي ثلاث سنوات من عمر (نَزَاهَة) دون أن تُعْلِن عن القبض على (هَامُور فاسِد) واحِد؟! فمتى تفعلها؟! [email protected]