لا تكاد تأتي مناسبة اجتماعية يحضر فيها أحد المسؤولين إلا ونشاهد السباق المحموم بالتقرب والتزلف إليه.. التزلف مفردة يحاول الفرد من خلالها الوصول إلى هدفه تاركًا جانبًا كل ما يتعلق بالمبادئ، هذا إذا كان لمثل هؤلاء شيء من هذه المبادئ أصلاً. فالكذب بادعاء القرب من أصحاب الكراسي أصبح سمة لدى بعض الناس، بل قد يكون ديدن بعض هؤلاء المتسلقين لدرجة قد تشعر فيها أنه من المحتم عليك أن تكون مثلهم، وأنك إن لم تكن كذلك فأنت شخص غبي يفترض بك أن تكون صاحب شبكة من العلاقات التي تستفيد منها لاحقاً؛ وتفيد بها من حولك. هؤلاء الأشخاص تجدهم في كل شاردة وواردة ينسجون قصصاً من وحي الخيال عن علاقاتهم بأصحاب الكراسي ومدى قوة تلك العلاقة، وصداقتهم الوطيدة بهم.. وأصحاب الكراسي قطعاً لا يعلمون ما هي القصص التي تروى عنهم وما مدى أدوار البطولة التي يلعبونها في القصص الخيالية التي نُسجت عنهم والحبكة المركبة لتلك القصص. أصبحت «العلاقات المتسلقة» ثقافة موغلة عند البعض حتى النخاع.. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ثقافة ضحلة محزنة. نحن نعيش في مجتمع ظاهره بسيط، وباطنه شديد التعقيد، يحصل البعض على نفوذ لا يستحقه، ونتقرّب منه طمعاً في النفوذ؛ وهي مقايضة صعبة يتفاخر بها ذلك المتسلق في المجالس، حيث يتمتّع القريب من صاحب القرار بنفوذ يفوق ما يمارسه صاحب القرار أحياناً، وهو يشبه من يدعي وصلاً بليلى ولكن ليلى لا تعلم عن ذلك الوصل وقد تتفاجأ من هذا السيناريو الذي يكتبه المتسلقون عنها. المحزن في تلك القصة أن هؤلاء المنافقين يتفاخرون بقربهم من أصحاب الكراسي ولكنهم يتبرأون من معرفتهم، حالما يترجلون من على كراسيهم، لتبدأ رحلة التزلف المضنية لصاحب الكرسي الجديد.