* أمطار متوسطة إلى غزيرة تُعَانِق فجر الخميس «الطاهِرة مكةالمكرمة»؛ ليشهد المسجدُ الحرام أقصرَ صلاة فَجر -ربما في تاريخه-؛ حيث أُذِّن للصلاة عند الساعة (5.17) ثم أُقِيْمَت فوراً، وقرأ الإمام «سورتي الفيل والإخلاص»، ثم سَلّم، وانتهت الصلاة الساعة (5.26)؛ فَعَل ذلك (الشيخ الدكتور سعود الشريم)؛ رِفْقَاً بالمصلين الذين كانوا تحت زخّات المطر. * وبهذا يُقدِّم (الشيخ الشريم) درساً عملياً لجميع أئمة وخطباء المساجد؛ فهناك طائفة منهم بعيدون عن الواقع ومستجدات العصر ومعطياته؛ يحدث هذا منهم في موضوعات خُطَبِهِم البعيدة عن نبض المجتمع وحاجياته، أو في ممارسة التطويل في صلواتهم وفي خُطَبِهِم للجمعة؛ غير مهتمين بظروف بعض المصلين، ومعاناة فئة منهم من أمراض تمنعهم من الجلوس الطويل، وتفرض عليهم زيارة متكررة لبيت الخلاء -أعزكم الله-. * أولئك الأئمة يُمَارِسُون هذا؛ مع أن أشهر أقوال العلماء -كما أعرفُ، ولسْتُ متخصصاً- تُنَادِي بالتخفيف والإيجاز في الصلاة، مُستدلين بأحاديث منها: حديث أبي مسعود رضي الله عنه، الذي قال فيه: جاء رجل فقال: يا رسول الله إني لأتأخر عن الصلاة في الفجر مما يطيلُ بِنَا فلان فيها، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم -ما رأيته غضِبَ في موضع كان أشد غضباً منه يومئذ-، ثم قال: «يا أيها الناس إن منكم منفرين فمن أَمَّ الناس فليتجوز فإن خلفه الضعيف والكبير وذا الحاجة»، وكذا حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن منهم الضعيف والسَّقِيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء». * فهذه دعوة ل(وزارة الشؤون الإسلامية) التي نُقدِّر جهودها جدًّا؛ لكي تكون أكثر دقة في اختيار أئمة وخطباء مساجدها، وأن تُخضِعهم لدورات علمية في فِقْهِ الواقِع؛ ليكونوا أكثر وعياً ورحمةً بعباد الله؛ وما أرجوه إلزامهم بالحصول على دبلوم متخصص يشتمل على مفردات شرعية، واجتماعية ونفسية، وفي مهارات الإلقاء والتواصل مع الجمهور؛ لتكونَ مَنَابِرُ مساجدنا حاضرة في ميدان التأثير الإيجابي بالمجتمع، ولِتبقى منارات تنشر العلم والمعرفة والثقافة الإسلامية الوسطية.