عكس التصنيف الاخير لوكالة موديز للتصنيف الائتماني عند A1 مع نظرة مستقبلية مستقرة ورفع التوقعات لنمو الناتج المحلى ليصبح 2.5% و2.7 % على التوالى في عامي 2018 و2019 ، قوة ومتانة الاقتصاد السعودي على الرغم من التحديات الداخلية والخارجية ، وفي الصدارة منها اسعار النفط والنمو الاقتصادي ، والبطالة . وبهذه الارقام يقترب الاقتصاد الوطنى ، من معدلات النمو التى سبقت ازمة النفط الاخيرة ، عندما كان عند مستويات 3 الى 3.5% في المتوسط . ويعكس النمو المتسارع الثقة المتنامية في الاقتصاد ، في ظل تحرك مكوناته الاخرى بعيدا عن النفط وفي صدارتها الايرادات غير النفطية والاستثمار ودعم خطط الانتاج الصناعي وصناعة الخدمات واللوجستيات مع احداث نقلة منشودة في قطاع التعدين لرفع حجم الاستثمارات الى 240 مليار ريال خلال السنوات المقبلة . نقلة نوعية لاقتصاد متعدد الاقطاب كما تعكس الارقام المعلنة حجم النقلة النوعية في الاقتصاد الذى يمضى ليكون متعدد الاقطاب من خلال قفزة في نمو إجمالي الناتج المحلي للعام 2018م ليصبح 2.5% مقابل 1.3 % فقط في ابريل الماضى، و 2.7% في العام المقبل بدلا من 1.5 % ، مما يشير إلى تحقيق خطط الإصلاح الاقتصادي نتائج أعلى من التوقعات ، وقد تركزت بصورة رئيسية على عدة محاور منها تنويع القاعدة الانتاجية بعيدا عن النفط ، وزيادة الايرادات غير النفطية ودعم السيولة في السوق للمحافظة على معدلات جيدة للنمو الاقتصادي ، وفي هذا الصدد بلغ اجمالى الانفاق الرأسمالى هذا العام حوالى 330 مليار ريال . تحسن مستويات الدين العام ولم يكن مستغربا ان تشير الوكالة الى توقعاتها بتحسن الدين العام خلال العامين المقبلين ، مع بقائه عند مستوى 25% من الناتج المحلى على المدى المتوسط ، لانه وفقا للارقام المعلنة تعد المملكة واحدة من اقل دول العالم في مستويات الدين العام رغم زيادتها في الاونة الاخيرة ، فيما تستند الى ناتج محلى مرتفع يصل الى 2.7 ترليون ريال واحتياطي نقدى يقترب من ترليوني ريال . وتراهن المملكة على مستوى جيد للاستدامة المالية في ظل ارتفاع الايرادات غير النفطية حاليا الى 300 مليار ريال تمثل اكثر من 25% من ميزانية العام المقبل التى تبلغ 1.1 ترليون ريال . ولعل اللافت في قراءة المؤسسات الدولية للاصلاحات الاقتصادية السعودية هى تجاوزها توقعات البيان التمهيدي لإعلان الميزانية مما يشير إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادي ماض في الطريق الصحيح ، وسبق ذلك دعوة بعثة صندوق النقد للمملكة للتريث في برنامج الاصلاح بهدف الوصول الى التوازن المالى في 2023 بدلا من 2020 ، حتى لايمثل ذلك ضغطا على الميزانية والنشاط الاقتصادي ، وهو الامر الذى تم التوافق عليه بالفعل . ولاشك أن تصنيف موديز يعزز السمعة العالمية التي يتمتع بها الاقتصاد السعودي، والاحتياطيات المالية الضخمة والعجز المنخفض، فضلا عن القدرة على الإنفاق من أجل التنمية ، اذ كشفت ارقام وزارة المالية مؤخرا عن تراجع العجز المتوقع خلال العام الحالى الى 148 مليار ريال بدلا من 195 مليار ريال ، وسط توقعات بمزيد من الانخفاض خلال العام المقبل . ويستشهد الخبراء على الملاءة الاقتصادية المرتفعة للاقتصاد الوطنى بعدم تأثره بالهزات العالمية التى مر بها الاقتصاد العالمي منذ 2008 . وتكشف توقعات موديز للنمو سعي الحكومة نحو ضبط مستويات الإنفاق طوال العام عن طريق التخطيط السليم والرقابة والضبط ، ولعل الاعلان عن مؤشرات الميزانية كل 3 شهور للمرة الاولى يصب في هذا الاتجاه ، فضلا عن الغاء مشاريع بمليارات الريالات تبين ضعف جداوها الاقتصادية . ويثبت التصنيف في المحصلة النهائية تبنى أسس راسخة للنمو المستدام على المدى الطويل وتمتع المملكة باقتصاد قوي متين وبأسواق مستقرة، إلى جانب المقومات الداعمة للقطاعات المختلفة ممثلة في المواد الخام المتعددة والموارد البشرية الفاعلة التى اثبتت كفاءة في المهام المختلفة التى اوكلت لها .