يعكس تأكيد مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني على قوة المركز المالي للمملكة رغم تحديات أسعار النفط، حجم الثقة الكبيرة في الاقتصاد ومسار الإصلاحات الذي انطلق منذ عام 2015. وعلى الرغم من إشارة موديز إلى بعض العوامل الأساسية التي قادتها إلى هذا الإعلان والتي تتعلق بحجم الاحتياطي النفطي والمالي والإصلاحات بشكل عام، إلا أن الواقع يشير إلى تغير هيكلي في الاقتصاد السعودي يعزز من النجاح للارتقاء نحو اقتصاد متعدد الأركان بعيدا عن النفط. ورغم تراجع إيرادات النفط 50 %منذ منتصف عام 2014 نتيجة التخمة في سوق النفط، إلا أن المملكة نجحت في معالجة الأزمة سريعا من خلال إصلاحات على أكثر من محور، اتساقًا مع رؤية 2030 التي تستهدف تنويع قاعدة الإنتاج ورفع الناتج المحلي غير النفطي إلى ترليون ريال بحلول 2030. واتساقا مع رؤية موديز، فإن هناك على الأقل 10 عوامل تؤكد قوة الاقتصاد السعودي: 1 - بقاء الاحتياطي النقدي في مستويات عالية عند 530 مليار دولار، رغم عظم التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها المملكة. 2 - الاستمرار في ضبط الميزانية وترشيد الإنفاق والتركيز على المشروعات ذات الأولوية المطلقة وتأجيل ما يمكن تأجيله بعد دراسة على أرض الواقع. 3 - تعزيز السيولة في القطاع المالي لاسيما بعد إصدار سندات مالية ب17.5 مليار دولار أكتوبر الماضي، ما أدى إلى تراجع الضغوط على الإقراض وانخفاض الفائدة. 4 -بدء صندوق الاستثمارات السعودية في تنويع الخيارات الاستثمارية لزيادة العوائد، ويتجلى ذلك في مساهمته ب3.5 مليار دولار في أوبر، و45 مليار دولار في صندوق الرؤية السعودي الياباني للاستثمار في التقنية وإنترنت الأشياء. 5 - تراجع العجز في الميزانية العامة خلال العام الحالي إلى 198 مليار ريال مقابل 367 مليار ريال خلال عام 2015 وسط توقعات بالوصول إلى ميزانية متوازنة في المصاريف والإيرادات في عام 2019، أي قبل الموعد المحدد لذلك في 2020 6 -تنوع قنوات تمويل العجز في الميزانية بين السندات المحلية التي بلغت في العامين الأخيرين 176 مليار ريال، والسندات الدولية، وكذلك الاحتياطي النقدي الذي لا يزال في مستويات جيدة للغاية رغم عمق التحديات وتنوعها. 7 -توجه الدولة وفق برنامج واضح المعالم لزيادة الإيرادات غير النفطية إلى ترليون ريال في عام 2030، لتقليص الاعتماد على النفط. 8 -تقليص الدعم الموجه إلى المياه والوقود والكهرباء من أجل دعم العجز في الميزانية ورفع كفاءة الإنفاق للحفاظ على حقوق الأجيال المقبلة، وذلك بعد ارتفاع حجم الاستهلاك من النفط إلى 2.6 مليون برميل يوميا. 9 -إطلاق مكتب لإدارة الدين العام مما يسهم في تحسين شروط الاقتراض وتقليل الأعباء المالية 10 -الشروع في إعادة هيكلة ميزانيات الوزارات الأكثر إنفاقا ومنها الصحة والتعليم والبلديات للحد من الهدر. وإذا كنا قد قطعنا شوطا جيدا في الخطة، فإن عام 2017 يمثل بحق مرحلة عنق الزجاجة، والمنعطف الأساسي في التحدي، من أجل زيادة الإيرادات بعيدا عن النفط. ويمكن رصد بعض الخطوات فيه كالآتي: - البدء في الربع الثاني بتطبيق الضريبة على المشروبات الغازية والسجائر - بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% في الأول من يناير المقبل من أجل دعم الإيرادات - إطلاق حساب المواطن في النصف الثاني من العام الجاري لتقديم دعم مالي للمواطنين مع رفع أسعار الوقود والكهرباء، وهو الأمر المتوقع أن يؤدي إلى الحد من الاستهلاك. - البدء في رفع الرسوم على العمالة