بعث الله رسولنا الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم متممًا لمكارم الأخلاق، وبتطبيقها تحققت العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع من أظلتهم راية التوحيد من أقصى شرق آسيا إلى شواطئ المحيط الأطلسي غربًا، مُشْرَعة لنهاية التفرقة العنصرية بسبب العرق واللون واللسان بقوله تعالى في محكم التنزيل:﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾، ومنهية التسلط الذكوري على الإناث في قوله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ﴾، وكذلك في قوله تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ﴾، وفي الآية الكريمة: ﴿وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾، وباتباع أولي أمر المسلمين الأوائل ما أمر الله به أن يؤخذ ويطبَّق، قامت دولة العدل والمساواة لقرون عديدة، وانتشر العلم والمعرفة بين الجميع دون تمييز عنصري أو عقائدي، وكان لدولة الأندلس المسلمة -وعلى مدى قرون ثمانية- أن استقطبت طلبة العلم من كافة البلدان الأوربية والأفريقية، فكان لأحفادهم بعد سقوط الأندلس والتصفية العقائدية لغير أتباع المذهب الكاثوليكي فرص الاستفادة من الكم الهائل لما حققه علماء الأندلس من إنجازات في كافة مجالات العلم والمعرفة، لتحفظ الكنيسة وقتها على ما سلم من محرقة الكتب والمراجع، فكانت تلك الثروة العلمية نواة ما نشهده اليوم من تقدم علمي لهم في بلدانهم الأوربية. كان من المؤمل وبعد ما يزيد على خمسة قرون من سقوط آخر معاقل المسلمين في الأندلس أن يتلاشى حقد وغطرسة مجموعات من البيض من الفرنسيين على من هم (من أصول غير نقية الدم)، فاستكثروا على مواطنيهم من أصول أفريقية الفوز بكأس مونديال موسكو 2018 فقاموا بأعمال شغب وفوضى في يوم يفترض أن يكون يوم فرح واحتفال بفوز بلدهم بكأس المونديال، أعمال يندى لها جبين كل عاقل مؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله. وفي الجانب الآخر من عالميْنا العربي والإسلامي الذي تقاربت شعوبه من بعضها بعضًا نجد مجموعة من الذكوريين يضعون المرأة في المرتبة الثانية، ويستكثرون عليها تفوقها وإنجازاتها، بالرغم من أن عددًا من سيدات المجتمع في المشرق وفي المغرب يتقلدن مناصب رفيعة في الحكم والإدارة والتعليم والتوجيه والمحافل الدولية. ولذا؛ ليس بالغريب أن يغتنم ذكور عالمنا العربي مناسبة وصول كرواتيا إلى المرحلة النهائية لكأس العالم في مونديال موسكو 2018 مع فرنسا لينالوا من سمعة وكرامة السيدة كوليندا غرابار كيتاروفيتش رئيسة وزراء كرواتيا، ويشككوا في صحة ما نسب إليها من إنجازات للرفع من مستوى معيشة الكرواتيين علميًّا واقتصاديًّا، ومما تتمتع به من بساطة العيش والتقشف، إنه نوع من العزة بالإثم وجحود لا بد من وضع نهاية له بالتي هي أحسن.