لم تقف خديجة الوادعي مكتوفة الأيدي حيال ما أصاب شقيقها ولم تكتف بدموع التعاطف مع مأساته التي نقلته من رجل بهمّة فولاذية يعمل على سطحته - ليل نهار- إلى عاجز بلا حيلة لا يقوى على تحريك جسده يميناً أو يساراً. بل قدمت هذه المرأة العسيرية صورة ناطقة بالوفاء وعنواناً من أجمل عناوين ردّ الجميل. انتصرت لصرخات أخيها على فراش المرض وأقسمت لتنقلها من حزام جدران الغرف الضيّقة لتداهم مسامع المسؤولين، ليس هذا فقط بل استثمرت علاقتها بوسائل التواصل خير الاستثمار وبثت لأخيها صوراً ومقاطع هزت القلوب وأيقظت الضمائر النائمة. ما أروعها هذه الأخت الوفيّة التي لم تنس «لقمة العيش» التي ركض لها الأخ من أجلها. لم تنس رعايته لأمه وإخوته. لم تنس له صناعة الأمل فى بيت أظلم الفقر مصباحه. لم تنس أنه قدم قبل الحادث مشاهد من الرجولة الحقة قلما يؤديها رجل اليوم على مسرح الحياة.. يرعى أما مسنّة وثلاث أخوات تباينت ظروفهن المعيشية ما بين الفقر والطلاق وغيره. ليس هذا فقط بل كان يرعى صغار أخواته البنات وكأنهم أولاده ويستهلك ساعات يومه من أجل إسعادهم. حكاية «الوادعي» على سرير عسير المركزي لم تقدم بطلا واحدا يتوسد فراش المرض بصبر ورضا. يداه مرفوعتان للرحمن أن يخفف عنه الألم بل قدمت لنا بطلا آخر قدم إلينا من زمن الأوفياء المتمسكين حتى اللحظة بفضائل الاعتراف بالصنيع والساعين لرد الجميل بأحسن منه. تواصلت الوادعي - الأخت المطلقة أم الأطفال الأربعة - مع الخط الساخن لوزارة الصحة.صوّرت جروح أخيها في مقطع فيديو وبثته للعالم.هاتفت وزير الصحة. استفرت حميّة إعلاميين ومشاهير على «تويتر» على أمل أن يحملوا معها المعاناة. قدمت حكايتها على الصحف - ورقية وإلكترونية حتى ارتد مسعاها - إيجاباً - وتواصل معها رجال أعمال وأهل خير من السعودية وخارجها يسألون عن صحة محمد ويتمنون لو يساعدونه بتحمّل كلفة علاجه خارج المملكة. خديجة الوادعي 39 عاماً - أيقونة الوفاء العسيري - أدارت عيون الكبار صوبها وتحرك سمو نائب أمير منطقة عسير الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز مدفوعا بحميّة الراعي - لينهى أزمتها ويقدم لها جرعة الرضا والتفاؤل. أحسنت ابنة عسير يوم أن قطعت المشوار الصعب وبثت للعالم رسالة.. إلا أخي.. الوفاء لا يموت. خديجة قالت للمدينة ظهر امس ان الفرحة لاتسعها بعد وصول خبر موافقة نقل شقيقها في المساء الى مستشفى المملكة الخاص بالرياض وطالبت المدينة بنقل شكرها لسمو نائب امير منطقة عسير الذي تكفل بعلاج محمد على نفقته الخاصة وشيخ وافراد قبيلة وادعه لوقوفهم مع الاسرة ودعمهم ماديا ومعنويا.