عاصم حمدان أستاذ الكلمة وصانع الحرف ومهندس الوصف والقلم الذي استطاع أن يمنح المجد للكلمة، فقد طوع أبجدية اللغة لنفسه وكتب وأبدع وأضاف العذوبة والشذى لكلماته دون أن تشعر بالملل لأنه يأخذك إلى مدن الحروف البعيدة الحالمة والاستثنائية وقد تُقرر وقتها أن تعيش زمنًا بعيدًا بين تفاصيل الإبداع الخلاب والذي لا يجيد كتابته إلا هذا الكاتب. تميز بكتابة فن السرد في الصحافة السعودية وكان من الكتاب المميزين بعطائه السخي في العمل الإبداعي الرصين وبمثابة القنديل المضيء لكل من طلب استشارة أو نصيحة، كتب بخطى واثقة، إنه موسوعة العطاء من أجل العطاء، يقول عاصم حمدان: «سماء مكة والمدينة لا تزال فيها بقية من ومضات النور الذي تجلى يومًا في غار حراء وسفوح أحد وسلع وقينقاع ولا تزال الأرواح التي لم تتكدر فطرتها ولم تفقد نعمة الصفاء التي خصها بها بارئها، لا تزال تستقبل من تلك الومضات ما يدنيها من تلك العوالم المجللة بذلك الضياء، أي شئ يا صديقي يحمينا من رعب الحياة أي شئ يقينا من شططها وتقلباتها، أي حرز نحترز به من أهواء النفس اللوامة». حبر كلماته نقي شفاف يشبه بياض الياسمين في لونه، وكلماته رقيقة كخد الزهر الناعم وسطور إبداعه تتمازج مع خيوط الفجر الذي يتسلل برشاقة إلى شرفة نافذتك ليحتل إعجابك كل ما فيه من روعة الإبداع، حبه لمكة والمدينة تجاوز هذا الشعور بكثير عاشقًا لترابها الطاهر ولبيوتها الجميلة وأهلها الطيبين. الأستاذ القدير الكاتب حسين بافقيه كتب مقدمة كتاب (صور من الماضي البعيد في طيبة الطيبة) لعاصم حمدان يقول: «إن عاصم حمدان من الكُتاب المعدودين الذين أولعوا بالسيرة الذاتية فأعماله المتوالية مسكونة بالأمكنة المنهارة، فهي سيرة تلك الأمكنة ولعل مرد ذلك تعلقه بالمكان عنوانًا وبالمكان فضاء، فكأنما لغته تحولت إلى ترنيمة يرتلها في صباحه ومسائه يعيد بها إلى نفسه الطمأنينة والسكينة». الأستاذ الدكتور عاصم حمدان، هذا السرد الأنيق في حارة الأغوات وحارة المناخة وأشجان الشامية وذكريات من الحصوة وهتاف من باب السلام ورحلة الشوق في دروب العنبرية لازال في مساحة مضيئة من الذاكرة.