(إن عاصم حمدان لايكتب تاريخياً ولايسجل واقعاً فحسب ولكنه يرسم بالكلمة صوراً إبداعية لا يتقنها إلا مصور فنان يلتقط صوره بعدسة القلب والعقل والوجدان) بهذه الكلمات الأنيقة يقدم الأديب والكاتب الصحفي محمد صادق دياب كتاب «رحلة الشوق في دروب العنبرية» للأديب والأكاديمي الدكتور عاصم حمدان والصادر عن نادي المدينةالمنورة الأدبي والذي يضم بين دفنية صوراِ أدبية مسكونة بالحب لهذه البقعة من بقاع مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم وفيه يرحل بنا مؤلفه إلى رجال سكنوا ذاكرته منذ سنوات طويلة بما عرفه عنهم من نقاء سريره وصدق مع الله وحب لنبيه ففاضت قلوبهم إخلاصاً للناس وحباً لهم وما ذلك إلا كونهم اتخذوا من مجاورة الحبيب عليه السلام فأضفى عليهم هذا الجوار بركة ونقاء وحسن طوية وصفاء نية. الأمر الذي أتاح لمؤلف الكتاب الدكتور عاصم حمدان أن يستل قلمه الصادق ويغمسه في حب هذه النماذج ويرسم لنا صوراً مشرقة ولوحات مضيئة باسلوبه الادبي المتألق الذي ألفناه ولغته المصفاة والتي ألقت بظلالها بهاءً وجمالاً، فيستمع إلى الشيخ البيحاني وهو يدلق في أذنيه ما تيسر من كتاب الله ثم يخطو إلى المدرسة لينصت إلى أساتذتها ومنهم سليمان سمان وبكر آدم أو وهو يلهو في بستان محمد سرور الصبان صاحب المواقف الجميلة أو يعرج بنا ليقف ساعة مع المعلم محمد عثمان أو العم محمد الحيدري أو واصفاً نفراً من آل البري وتارة تراه يطرب لإنشاد جمعة وهو تحت شجرة مسجد سيدنا عمر بن الخطاب أو يصف لك شخصية سعود دشيشة وأخيه محمد دشيشة ويصور أيضاً صبر العم زين بليله وهو يتقبل قضاء الله وقدره وكيف وافت المنية الشيخ حمزه عوض وهو ساجد في احد الفروض وهو على مقربة من الحضرة الشريفة ويختتم عاصم كتابه بأجمل الصور وأكثرها بهاءً وهي حينما انتقل والده الشيخ حمدان على أحد أشهر (عمد) طيبة إلى الرفيق الأعلى بخاتمة حسنة. تلك صور إنسانية قد خلت من نسيج المجتمع إلا أنها ما لبثت أن سكنت في وجدان عاصم حمدان لتبرز معالمها على صفحات هذا الكتاب.