لو كنت ناظرًا لمدرسة ابتدائية أو معلمًا، لفرضت على تلامذتي قراءة قصة الفتى الياباني «تاكو أوساهيرا»، أنا شخصيًّا لا أمل قراءتها. وسأعاود الكتابة فيها مرة تلو الأخرى، ما دمنا بصدد إعادة البناء. فقصة هذا الفتى نموذج من نماذج رائعة، صنعت اليابان الحديثة لتجعلها في مقدمة الدول. يقول أوساهيرا.. ابتعثتني حكومة بلادي لأدرس الميكانيكا في جامعة هامبورج بألمانيا. وهناك أخذني الأساتذة إلى معمل للتدريب، وبدأوا يعطونني كتبًا لنظريات الميكانيكا. واستهواني المحرك فاشتريت محركًا إيطالي الصنع دفعت فيه كل مصروف الشهر، وحملته إلى منزلي وأخذت أُقلِّبه لأُعيد تركيبه وتشغيله، وكلي أمل أن أفلح، فلو استطعت أن أصنع مثله، لغيّرت اتجاه تاريخ اليابان. وبدأت في تفكيكه وإعادة تركيبه فوفّقت، وقمت بتشغيله. ونجحت. وحين حملت النبأ إلى المسؤول عن بعثتنا، جاء بمحرك آخر، وقال لي عليك أن تفكه وتكشف موضع العطل فيه، ففعلت، واكتشفت خلال أيام، أن هناك بعض القطع هالكة، ولكي أصنع مثلها كان عليَّ أن ألتحق بمصانع صهر الحديد والنحاس والألومنيوم. واضطررت أن أرتدي البدلة الزرقاء رغم أني من أسرة «ساموراي» ولكني كنت أخدم اليابان. وعندما عدت إلى بلادي قيل لي إن «الميكادو» يريد مقابلتك. قلت لن أستحق مقابلته إلا بعد أن أصنع محركات كاملة. واستغرق ذلك مني سنوات. وحملت عشرة محركات منها وذهبت إلى القصر. ودخل الميكادو وابتسم وهو يشاهدها تعمل، وقال هذه أجمل موسيقى سمعتها في حياتي. وفي أعقاب اللقاء صرح أوساهيرا.. وهكذا استطعنا صناعة المحرك وهو سر قوة الغرب.