عبدالله المديفر- اليوم السعودية الدكتور محمد القنيبط كشف عن "أكبر كذبة في التاريخ السعودي" على حد وصفه عندما استضفته في برنامجي الأسبوعي لقاء الجمعة ، وأطلق الدكتور القنيبط هذا التوصيف القاسي على سيارة غزال التي أعلنت عنها جامعة الملك سعود في نهاية ديسمبر من عام 2010 والتي من المنتظر -حسب تصريحات الجامعة- أن ترى النور في أواخر العام القادم 2013 وبدايات العام الذي يليه 2014 برأس مال للمشروع يصل لمائة مليون ريال عبر الذراع الاستثماري للجامعة ( شركة وادي الرياض للتقنية ) الذي يستهدف تصنيع عشرين ألف سيارة سنوياً . ويلقي القنيبط في اللقاء سؤالاً لاذعاً على المسؤول الجامعي : ( كيف تقول صنعناها وأنت لم تضع فيها مسماراً واحداً )؟!!. بل يذهب ضيفي إلى أبعد من ذلك ويلقي تهمة الكذب على المسؤول الأول في الجامعة ، ويستشهد على ذلك بقصة المهندس الشاب الذي كان من ضمن الفريق العامل في مشروع "غزال" إلا أن ضميره الحي حرمه من متعة الاحتفال بمجد لايستحقه الجميع واستقال من وظيفته المريحة بعشرة آلاف ريال ليفتح محل همبرغر .. في هذه اللحظات من اللقاء انتقل خيالي إلى الشاب الياباني تاكيو أوساهيرا الذي ابتعثته الحكومة اليابانية لدراسة الميكانيكا العلمية في جامعة هامبورغ بألمانيا والذي يصف التجربة بقوله : ( بدلاً من أن يأخذني الأساتذة إلى معمل أو مركز تدريب عملي أخذوا يعطونني كتباً لأقرأها ، وقرأت حتى عرفت نظريات الميكانيكا كلها ، ولكنني ظللت أمام المحرك أقف أمام لغز لا يُحل وكأني طفل أمام لعبة جميلة لكنها شديدة التعقيد ولا يجرؤ على العبث بها ، وكم تمنيت أن أداعب المحرك بيدي ، وكم كنت أشتاق إلى لمسه والتعرف إلى مفرداته ، وكم تمنيت لمه وضمه وقربه وشمه ، وكم تمنيت أن أعطر يدي بزيته وأصبغ ثيابي بمخاليطه ، وكم تمنيت وصاله ومحاورته والتقرب إليه لكنها ظلت أمنيات حية تلازمني وتراودني أياماً وأياماً .. وفي ذات يوم قرأت عن معرض محركات إيطالية الصنع ، ووجدت في المعرض محركاً بقوة حصانين ثمنه يعادل مرتبي كله فأخرجت الراتب ودفعته وحملت المحرك الثقيل إلى حجرتي ووضعته على المنضدة وجعلت أنظر إليه كأنني أنظر إلى تاج من الجواهر .. وقلت في نفسي : هذا هو "سر قوة أوروبا" ، فلو استطعت أن أصنع محركاً كهذا لغيّرت اتجاه تاريخ اليابان فلو أنني استطعت أن أفكك قطع هذا المحرك وأعيد تركيبها بالطريقة نفسها التي ركبوها بها ثم شغلته فاشتغل فأكون قد خطوت خطوة نحو سر موديل الصناعة الأوروبية .. رسمت منظر المحرك بعد أن رفعت الغطاء الذي يحمي أجزاءه, ثم جعلت أفككه قطعة قطعة، وكلما فككت قطعة رسمتها على الورق بغاية الدقة وأعطيتها رقماً ، وبحثت في رفوف الكتب التي عندي، حتى عثرت على الرسوم الخاصة بالمحركات، وأخذت ورقاً كثيراً، وأتيت بصندوق أدوات العمل، ومضيت أعمل ، وشيئا فشيئا فككته كله ثم أعدت تركيبه من جديد ، وفي هذه اللحظة وقفت صامتاً متشككاً .. هل سأنجح في تشغيله ؟ ، وبسرعة قطعت شكي وأدرت المحرك فاشتغل وما أن غرد صوت المحرك حتى كاد قلبي يقف من الفرح . حملت النبأ إلى رئيس بعثتنا فقال لي : حسناً ما فعلت، والآن سآتيك بمحرك متعطل عليك أن تفككه وتكشف موضع الخطأ وتصلحه ، وتجعل هذا المحرك العاطل يعمل ، وكلفتني هذه العملية عشرة أيام من العمل الشاق وفي النهاية أصلحته وعمل المحرك .. بعد ذلك قال رئيس البعثة : عليك الآن أن تصنع القطع بنفسك، ثم تركبها محركاً ، ولكي أستطيع أن أفعل ذلك، التحقت بمصانع صهر الحديد، وصهر النحاس، والألمنيوم ، وذلك بدلاً من أن أعد رسالة دكتوراه كما أراد مني أساتذتي الألمان .. تحولت إلى عامل ألبس بدلة زرقاء، وأقف صاغراً إلى جانب عامل صهر المعادن، وكنت أطيع أوامره وكأنه سيد عظيم، حتى كنت أخدمه وقت الأكل مع أنني من أسرة الساموراي العريقة في اليابان ، ولكنني كنت أخدم اليابان وفي سبيلها يهون كل شيء .. قضيت في هذه الدراسات والتدريبات ثماني سنوات كنت أعمل خلالها ما بين عشر وخمس عشرة ساعة في اليوم .. وعلم امبراطور اليابان بأمري، فأرسل لي من ماله الخاص خمسة آلاف جنيه إنجليزي ذهباً، اشتريت بها أدوات مصنع محركات كاملة .. وعندما وصلنا لليابان قيل لي إن الامبراطور يريد أن يراني فقلت لهم : لن أستحق مقابلته إلا بعد أن أنشيء مصنعاً كاملاً للمحركات الذي استغرق منّي تسع سنوات .. وفي يوم من الأيام حملت مع مساعدي إلى القصر عشرة محركات صنعت في اليابان ووضعناها في قاعة خاصة بنوها قريباً منه، وأدرناها ، فدخل الامبراطور وابتسم ابتسامة الفخر وقال : هذه أعذب معزوفة سمعتها في حياتي .. "صوت المحركات اليابانية الخالصة" ).. هل بين مبتعثينا من يبحث عن "سر الصناعة الغربية" ؟.. هل سينطلق الغزال في شوارعنا ؟ أم سنجده يأكل وجبات الهمبرجر ؟..