في العصور الوسطى، استغلت الكنيسة في أوروبا الدين، لإصدار صكوك الغفران، فأصبح رجال الكنيسة أوصياء على الناس، يُحرِّمون ويُحلِّلون، ويَنهون ويَأمرون، بل ويقتلون الأبرياء باسم الدين، فتخلَّفت أوروبا. وطبَّقت جماعات تتسمَّى بالإسلام اسماً، النهج نفسه قبل هذه الألفية بأكثر من ثلاثة عقود، وبعد هذه الألفية وإلى يومنا هذا. إنه التاريخ الذي يُعيد نفسه. أسلوب (النسخ واللصق) لما كان يقوم به القساوسة في أوروبا، استغله الاستعمار القديم الذي أطلَّ علينا بثوبٍ جديد لكي يفرغ خزائننا في عالمينا العربي والإسلامي بمباركة من بعض أبناء المجتمعات العربية والإسلامية، الذين ساعدوا هذا الاستعمار الجديد «القائم على سياسة فرق تسد». القدس الشريف ما كان ليدخل ردهات مجلس الأمن والجمعية العامة ليخضع للابتزاز السياسي القذر، واستمرار الاحتلال لفلسطين منذ عام 48، لولا حالة الانقسام والتشرذم التي تعيشه بلاد العرب والمسلمين ، بل ودفع الغرب والشرق بمرتزقة إرهابيين بمسميات مختلفة ك»القاعدة وداعش، والحشد الشعبي وجبهة النصرة، وحزب الشيطان والحوثي، وحركة الشباب الصومالي، وسرايا الدفاع وثوار بنغازي، وثوار مجلس شورى درنة»... وغيرها من المنظمات الإرهابية والتي وُلدت جميعها من رحم جماعة الإخوان المفسدين لكي تعيث في الأرض فسادا في العراق وسوريا ولبنان والصومال وليبيا واليمن وغيرها بدعم من الآيات والملالي في قم وطهران ودويلة الحمدين في قطر، والتي سوف تكتوي بنيران تلك الجماعات المتطرفة عاجلا أم آجلا.. إيران استخدمها الغرب والشرق وشجَّعوا هؤلاء الملالي لتصدير الثورات والمحن، باسم المذهبية تارة، وباسم تحرير القدس تارة أخرى، بل وصل بالدولتين المارقتين «إيرانوقطر» إلى أن تُشكل تحالفاً مع تركيا، وتُدخل تركيا في خندق ما كان لها أن تدخل فيه. القدس لن تتحرر والانقسام الفلسطيني موجود، وبعض تجار القضية يتبطَّحون في فنادق الدوحة وفللها الفاخرة وطهران وبيروت. القدس لن تتحرر وتجار القضية كلٌّ له إمارة في غزة والضفة، وعلى الداعمين للفلسطينيين في بلادنا العربية أن يشترطوا لتقديم هذا الدعم أن ينفضّ هذا الانقسام، الذي جلب لنا نحن العرب قبل الفلسطينيين الانقسام والتشرذم، بل وزرع الكراهية بين الشعب الفلسطيني الشقيق والشعوب العربية الأخرى، والذي بالطبع تقف وراءه إيرانوقطر التي استعانت بتركيا لتسكين قاعدة عسكرية تركية على أراضيها، ونسي هؤلاء أن فخري باشا في الدولة العثمانية القديمة قد سرق مقتنياتنا الإسلامية في المدينةالمنورة «من أجل حمايتها»!! -كما يزعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان- وآن الآوان أن يرجعها لنا، في بلاد الحرمين الشريفين، ولكنها بالطبع لن تُعاد إلى المدينةالمنورة، بل سيحتفظ بها الأتراك في متاحف تركيا لتكون مزاراً للسائحين، لكي تدرُّ على تركيا مليارات الدولارات. وستبقى حالة الانقسام بين المسلمين قائمة، طالما ينظر كلٌّ منهم لمصلحته فقط، وستظل القدس هي الضحية.