عندما ذهبت إلى لبنان، قبل ثلاث سنوات، تجولت مع صديقتي بسيارتها، أخذتني إلى السوليدير، المنطقة المركزية في بيروت، منطقة المطاعم والكافيهات لا يوجد بها سوى الطاولات والمقاعد وريح بارد يعربد في الفراغ، هذه الصورة الحزينة للسوليدير، تلخص الوضع الذي يعاني منه لبنان. ربما يقول قائل « الناس في الناس والعنزة في النفاس» أجل، أتابع كل ما يجري من أحداث منذ خروج الرئيس سعد الحريري من لبنان خوفاً من الغدر ومصير دامٍ شبيه أو مرعب كمصير والده رفيق الحريري، بعد أن أصبح «حزب الله» أحد المكونات الحزبية السياسية، كما يزعم من يدافع عن هذه الميليشيا الإرهابية. أتابع، أنفعل، أتألم، لكن تظل بعض القضايا أقرب للنفس، لذلك أزعجني إغلاق منطقة السوليدير التي أنشئت عام 1994م ضمن مشروع إعماري ضخم لإعادة الرونق لبيروت بعد حروب واجتياح إسرائيلي دمر المنطقة وأحالها إلى خراب. في زيارتي الأخيرة لبيروت علمت أن السوليدير أغلق نتيجة هروب السياحة من لبنان لوجود خطر حزب الله. هذا الخفوت السياحي الذي أضر بالاقتصاد اللبناني، والمرافق السياحية، نتيجة تعاظم هيمنة حزب الله ليس فقط على الجنوب اللبناني المحتل من قبل إيران بميليشيا حزب الله، بل أصبح مهيمناً على المشهد السياسي اللبناني، إذا رضي حسن نصر الله شكلت الحكومة، وإذا لم يرضَ عرَّض لبنان واللبنانيين للفراغ السياسي وفوضى اعتصامات مرهقة- في مواجهة اقتصاد متهاوٍ، وهكذا يبقى الوضع حتى يرضى حزب الله، لأنه يمتلك قوة عسكرية ربما لا يمتلكها الجيش اللبناني. العام الماضي وأنا أغادر بيروت إلى القاهرة، والشوارع خالية، قال السائق: اليوم ذكرى مقتل رفيق الحريري، وأخذ يقص التفاصيل المرعبة كيوم الحشر، استعدتُ أنا أيضاً تلك الذكرى المؤلمة التي عايشناها من خلال القنوات الإخبارية. لبنان يحتفل بعيد الاستقلال ال « 74» اليوم الأربعاء 22 نوفمبر 2017م، لبنان بلد الحرية والجمال، بلد الطوائف كما يؤكدون، وتلك ميزة فتكت بها الحرب الأهلية، لكن اللبنانيين سرعان ما استعادوا ميزة التعايش والتأقلم مع الأوضاع الاقتصادية والسياسية، ربما هذا ما يشدنا ويبهرنا بلبنان، حتى أصبح لبنان عشق الكثيرين من العرب والخليجيين، ربما لذلك نحزن ويستفز مشاعرنا وقوع بلد الجمال في قبضة منظمة إرهابية، يمكن أن تتمدد وتحتل كما فعل الحوثي في اليمن، نتيجة هذه النعرة الإيرانية التوسعية، والرغبة في تصدير الثورة أحد أهم أهداف الثورة الإيرانية. بيان اجتماع وزراء خارجية الدول العربية في الجامعة العربية الأحد 19 نوفمبر 2017م، الذي دعت إليه السعودية لبحث « خروقات إيران في المنطقة» صنَّف حزب الله منظمة إرهابية، كما وصف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير « حزب الله» : (بأنه منظمة إرهابية من الطراز الأول، وأنه سبب المشكلة في لبنان، ويجب إيجاد وسائل للتعامل معه) بينما رفض وزير خارجية لبنان جبران باسيل تصنيف حزب الله منظمة إرهابية! سبب عدم استقرار لبنان وعودة السياحة والسياح الخليجيين، هو حزب الشيطان، لأن الساسة الذين يعتبرون حزب الله « مكوناً حزبياً سياسياً « في لبنان لم يستطيعوا منعه من قتل السوريين في سوريا، وتدريب الحوثيين على قتال جنودنا في اليمن، وتهديد أمن السياح على أرض لبنان، لذلك أصبح السفر إلى لبنان مجازفة وخطراً ومسؤولية شخصية يتحملها أحياناً السائح الخليجي العاشق للبنان. سياسة « النأي بالنفس» عن مشاكل الآخرين وصراعاتهم التي كررها الرئيس الحريري في لقائه التلفزيوني ووردت في كلمات السياسيين اللبنانيين، شعار لا يمكن استهلاكه سياسياً وإعلامياً، بعد أن تحولت لبنان إلى لعبة في يد إيران، وابنها المدلل « حزب الله»!.