الاستقالة التي أعلنها رئيس الوزراء اللبناني، سعد الدين الحريري من على شاشة التلفزيون كانت متوقعة منذ بعض الوقت. إذ أصبحت الدولة اللبنانية بكاملها مجرد ديكور لا نفوذ لها،وتحولت إدارة الأمورالى (حزب الله) وقواته . وفشلت سياسة النأي بالنفس التي حاولت حكومة الحريري تطبيقها فيما يتعلق بالعدوان الذي يقوم به الحزب ضد شعب سوريا. وتحولت مليشيات الحزب الى جيش يستخدم أحدث الأسلحة والتقنيات في حربه بسوريا وفي تهديد الأمن والاستقرار داخل لبنان . ورغماً عن معرفة وقناعة كل لبنان بأن الحزب ليس سوى أداة إيرانية لتخريب العالم العربي،في سورياولبنان والكويت واليمن والبحرين ودول شمال أفريقيا وغيرها ، إلا أن رئيس الجمهورية اللبناني، ميشال عون ، لم يتراجع عن دعمه المعلن للحزب وجيشه وأصر في تصريحات عدة، وبعضها متلفز، على أن سلاح الحزب هو سلاح ضروري وأن جيش لبنان الرسمي لا يمكنه حماية لبنان بدون الحزب الإرهابي وسلاحه الإيراني . وربط مصير سلاح حزب الله بتحقيق سلام شامل في الشرق الأوسط ،مما يعني أن لا أمل في أن يقف رئيس لبنان مدافعاً عن بلده. بل أصبح بوقاً من أبواق طهران وأداة من أدواتها.وتخلى عما كان يقوله والمقربون منه عن ضرورة وضع إستراتيجية دفاعية تحدد دور سلاح الحزب ضمن إستراتيجية الدفاع عن لبنان ، وذلك لأن حسن نصر الله قائد مليشيات الحزب أصر على أنه لن يقبل بأي اتفاق يحد من حريته في استخدام السلاح كيف شاء . وتبجح قادة إيران علناً بأن لاقرار يتم اتخاذه في بيروت بدون مباركة وموافقة طهران، وأكدوا هيمنتهم الكاملة على لبنان، وبالرغم عن سعي الرئيس الحريري تصحيح وضع ومسار الحياة السياسية اللبنانية إلا أن الإيرانيين وبالتعاون مع رئيس الجمهورية، ميشال عون ، سعوا لتخريب أي جهد لإستقلالية القرار اللبناني ، وأثاروا الرعب في قلوب السياسيين اللبنانيين الذين استسلموا، ما عدا قلة شجاعة منهم ، لما تمليه عليهم طهران عبر عملائها، مما تطلب موقفاً قوياً وشجاعاً من سعد الحريري يؤدي الى رفع الغطاء الحكومي اللبناني عن عمليات حزب الله الإرهابية داخل وخارج لبنان . وذكرت أخبار أن فرع المعلومات،في جهاز الأمن اللبناني ، أحبط محاولة لاغتيال الحريري قبل مغادرته البلاد بساعات،وأن مخططي الاغتيال عطلوا أبراج المراقبة خلال تحرك موكبه،ما يذكر بأوضاع شبيهة لما تم عند اغتيال والده .. وهي مؤامرة يرجح أن يكون حزب الله خلفها،كما كان خلف اغتيال الرئيس رفيق الحريري. مما يؤكد وجود نية إيرانية لتفجير الوضع الداخلي اللبناني باغتيال رئيس الوزراء ..ومحاولة الاغتيال هذه هي واحدة من عدة محاولات جرت في الماضي ودفعت سعد الحريري للبقاء خارج البلاد لفترة طويلة . استقالة الحريري من رئاسة الوزارة تدخل لبنان في مرحلة جديدة يجب الاستفادة منها (لبنانياً) للوقوف في وجه الإرهاب القائم في البلاد عبر السلاح الثقيل والخفيف والميليشات التي تنتشر في عدد من شوارع بيروت وأن يسعوا لتحجيم الخطر الإيراني وعزل المراكز الإرهابية داخل البلاد ،والابتعاد عن تجنيد المواطنين اللبنانيين في حروب لصالح إيران .والعمل من أجل لبنان أولاً وأخيراً ، فلا وطنية تجعل لبنان يستسلم للإرهاب الإيراني المتمثل بحزب الله الذي يعتقد عون أنه يخدم طموحاته النرجسية.