مع اقتراب التوصل الى وقف لإطلاق النار في سوريا تتزايد المخاوف على أمن وسلامة واستقرار لبنان .. فجنود «حزب الله» الذين يقاتلون هناك سوف يعودون للبنان، مما يشكل خطراً على الأمن في البلاد. إذ سيكون من الصعب السيطرة على آلاف المقاتلين الذين عاشوا سنوات عدة في حروب ومعارك، ما لم يُعدْ تأهيلهم للعمل في جو سلمي، الأمر الذي لا يرغب فيه حزب الله، فهو يستعد لمغامرة مع إسرائيل، المنافس الرئيسي لإيران في طموح الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط. وبالإضافة لذلك فإن نفوذ الحزب وهيمنته على الدولة اللبنانية واسع وقوي.. وأدى تحالفه مع ميشال عون، الذي كان يطمح دائماً بأن يصبح رئيساً للجمهورية، الى تقبل قطاع كبير من المسيحيين التعاون معه سياسياً آملين مساندة الحزب وأتباعه لعون في تحقيق أمل حياته. وبالفعل نجح إصرار عون وعناده وكذلك الإرهاق الذي أصيب به السياسيون الآخرون نتيجة لفترة الفراغ الطويلة التي لم يتمكن أحد خلالها من تمرير مرشح رئاسي آخر، نجح كل ذلك في أن يصبح عون رئيساً للجمهورية اللبنانية. وتشهد المرحلة الحالية سعياً مكثفاً لحزب الله لتغيير القانون الانتخابي اللبناني مستهدفاً زيادة حصته والموالين له في الدولة اللبنانية على حساب المسيحيين والسنة والمكونات اللبنانية الأخرى، وإذا لم ينجح في ذلك فانه يسعى لإحداث فراغ يرغم به الجميع على عقد مؤتمر يعيد كتابة ما تم اتفاق اللبنانيين عليه بالطائف بشكل يحقق له ما يريد، وقد يستخدم قواه العسكرية بشكل يخيف الحريصين على استقرار لبنان وعلى أرواحهم. وكان بعض الذين استسلموا لعناد عون وأوصلوه للرئاسة أملوا حينها في أن يتحول العناد الذي يتميز به الى موقف ضد سعي حزب الله تجاوز صلاحيات الرئيس والدولة، إلا أن هذا لم يحدث، بل تحدث عون عن سلاح حزب الله بشكل برر فيه احتفاظ الحزب بسلاحه. وأشار البعض إلى أن الفساد والمحسوبيات توسعت بوصول عون لسدة الرئاسة. وأطلق البعض ما يمكن أن يعتبر نقداً بشكل نكتة وذلك على شبكات وسائل التواصل الاجتماعي تقول: «التقت مستشارة رئيس الجمهورية، ميشال عون، السيدة ميراي عون، مع العماد جوزيف عون، قائد الجيش، بحضور كل من النائب الان عون والسيد ماريو عون وبمشاركة صهر الرئيس عون، الوزير جبران باسيل، وتم التباحث في المستجدات وتحديداً كيفية اضافة (عون) على هوية باسيل، وبعض القضايا المتعلقة بالعائلة». . علما أن لا علاقة عائلية بين آل عون وكثير من المذكورين. ومنذ أكثر من اثنى عشر عاماً استشهد الرئيس رفيق الحريري ، وعدد من رفاقه، في تفجير ضخم، لأن ايرانوسوريا اعتبرتاه عائقاً رئيسياً في وجه التوسع الإيراني، ووجهت اتهامات بأن حزب الله كان الأداة التي استخدمت في تنفيذ ذلك العمل الإرهابي وما تلاه من عمليات اغتيال ومحاولات اغتيال وتفجيرات طالت العديد ممن اعتبرهم حزب الله رافضين للنفوذ الإيراني المباشر أوعن طريق سوريا وبالتالي لتحوله أداة إرهابية لتحقيق تلك الأطماع. ورغماً عن ذلك فانه لا زال يوجد في لبنان سياسيون وقادة يعارضون محاولة حزب الله إخضاع البلاد لرغبات طهران. الا أنه في الجانب الآخر يوجد بين القادة اللبنانيين من يغلِّب مصالحه الخاصة على مصلحة البلاد ويتجنب مواجهة عنف عصابات الحزب. حزب الله في لبنان قضية إقليمية ودولية، أكثر منها محلية، ولن يتمكن لبنان لوحده من التغلب عليها نظراً لأن الحزب أداة من أدوات إيران، عسكرياً ومالياً في سبيل التوسع على حساب سيادة الدول العربية تمهيداً للإمبراطورية الفارسية التي تحلم بها طهران، وليس حزباً محلياً .. لذا سيكون الجهد الإقليمي والدولي مطلوباً إذا كان للبنان أن ينعم بسيادته واستقراره.