لن تقتصر مناقشات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما في موسكو، على الملفات السياسية فقط، وإنما ستشغل ملفات التعاون الاقتصادي والاستثماري والنفطي حيزاً مهماً منها، خصوصا أن الشراكة السعودية الروسية، تركز في المرحلة القادمة على تعزيز الاستثمار في ضوء الرؤية السعودية 2030، التي نجحت في تحقيق تحالفات استثمارية بمليارات الدولارات، وانتقال السعودية إلى ما بعد مرحلة النفط. الملف السياسي: الأزمة السورية الطيش الإيراني التنظيمات الإرهابية تختلف الرؤية السعودية عن الروسية في حل الأزمة السورية، فبينما تنطلق الرؤية السعودية من ضرورة رحيل نظام بشار الأسد، كونه المسؤول الأول عن ما يحدث للشعب السوري وبصفة يومية منذ 6 سنوات من مجازر يستخدم فيها ترسانته العسكرية المدججة بكل أنواع الأسلحة، في المقابل تنطلق رؤية موسكو من الإبقاء على نظام بشار مع الاعتماد عليه في خلق تحالف إقليمي ودولي لمواجهة الإرهاب وتنظيم داعش الإرهابي. وقد أدى هذا الخلاف في الرؤى إلى توتر في العلاقات، نتيجة لاستخدام موسكو الفيتو لثلاث مرات متتالية لمنع صدور أي قرار ضد نظام بشار الأسد. اليمن وأزمة قطر موسكو وقفت إلى جانب الحكومة الشرعية في اليمن عبر تطبيق قرار مجلس الامن 2216 القاضي بانسحاب المليشيات الانقلابية وتسليم سلاحها للدولة، وفي هذا الصدد جدد وزير خارجيتها لافروف عدم وجود تباينات بين الموقف الروسي والسعودي بخصوص الأزمة في اليمن. ومن جهة أخرى، دعمت موسكو جهود الوساطة الكويتية في حل الأزمة القطرية كما دعت الدوحة والعواصم العربية إلى التخلي عن المواجهة وبحث الخلافات عبر المفاوضات. الملف العسكري وأنظمة الدفاع الجوي تسعى المملكة إلى دعم قدراتها العسكرية لمواجهة أي تهديد محتمل، وفي هذا الإطار توصلت المملكة وروسيا لاتفاقية للتعاون العسكري، وتفعيل اللجنة العسكرية المشتركة بين الدولتين، حيث تريد الرياض تطوير منظومة الدفاع لديها، خاصة بعد نجاح التجربة الروسية وتفوقها في مجال أنظمة الدفاع الجوي. التنظيمات الإرهابية وتنظيم داعش في ظل تقاعس التحالف الدولي في محاربة الإرهاب في المنطقة، ما زال تنظيم داعش الإرهابي يسيطر على مواقع له في العراق وسوريا، ونتيجة لذلك التعثر، طرحت موسكو رؤيتها لمواجهة الإرهاب بتشكيل تحالف موحد يضم الجيش السوري والعراقي والمقاتلين الأكراد، بينما كانت المملكة سباقة في هذا المجال بمبادرة تأسيس المركز الدولي لمكافحة الإرهاب (اعتدال) في ختام القمة الإسلامية الأمريكية في الرياض، وذلك لمواجهة انتشار النزاعات المتطرفة في المجال الإيديولوجي، ودعم ترسيخ المبادئ الإسلامية المعتدلة في العالم، كذلك قادت المملكة مشروع تأسيس قوات إسلامية لمحاربة الإرهاب ضم 34 دولة وقامت بتأسيس مركز عمليات مشتركة، مقره الرياض، لتنسيق ودعم العمليات العسكرية، لمحاربة الإرهاب ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود. الملف الاقتصادي: الطاقة المتجددة والنفط الجوانب الاقتصادية والنفطية محور للزيارة، وفي هذا المجال قال وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك مؤخرا بأن السعودية ورسيا ستؤسسان صندوقا جديدا للاستثمار في الطاقة بقيمة مليار دولار، عطفا على المباحثات التي تجريها أرامكو السعودية مع شركة «سيبور» الروسية، وهي أكبر شركة بتروكيماويات في روسيا، وذلك من أجل إنشاء مشروع مشترك بينهما في السعودية، سيكون باكورة المشروعات في قطاع المصب (التكرير والبتروكيماويات) عطفا على مشروع مشترك آخر لإنتاج المطاط الصناعي. كما عملت السعودية وروسيا، أكبر منتجين للنفط في العالم، معاً بشكل وثيق على مدى العام المنقضي للتوصل إلى اتفاق بين «أوبك» ومنتجي النفط غير الأعضاء في المنظمة لخفض الإنتاج العالمي ودعم الأسعار، عطفا على اهتمام ثنائي بقطاع الطاقة المتجددة في السعودية، إذ تتطلع المملكة إلى استثمارات تصل إلى 50 مليار دولار لإنتاج 10 % من الكهرباء عن طريق الطاقة النووية. نووي إيران يمثل أحد أبرز القضايا الخلافية في العلاقات السعودية- الروسية، فقد توترت العلاقات بين الدولتين نتيجة للدعم الروسي المستمر لطهران؛ ليس فقط على المستوى الدبلوماسي بل العسكري أيضًا، وقد تجلى الدعم الروسي القوي لطهران في المحادثات التي جرت بشأن البرنامج النووي الإيراني من خلال اجتماعات (5+1)، والتي أدت إلى التوصل لاتفاق بشأن البرنامج النووي لطهران، ما يتعارض مع موقف المملكة العربية السعودية، التي ترى أن البرنامج النووي الإيراني يمثل تهديدًا قويًا لدول الخليج ويأجج النزاعات في منطقة الشرق الأوسط ويفتح الباب واسعًا أمام سباق للتسلح غير مسبوق في المنطقة.