* (الحج رحلة إيمانية)؛ فيه إظهار لتوحيد الله تعالى وعبوديته، وهو مدرسة تربوية، يعود منها الحَاجّ - بإذن الله -، وهو براء من ذنوبه كَيَوْمِ ولدته أمّه، كما يؤكد ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (مَن حج هذا البيت، فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه)، تلك الرحلة الخالدة يعيشها مَن استطاع من المسلمين إليها سبيَلاً. * والحَجّ رحلة ترسم للعَالَم أجمع بكل وضوح (إنسانية الإسلام)؛ ففيها التأكيد بأنّه دِيْن عَدل ومساواة بين الناس، وإنْ اختلفت جنسياتهم وأعراقهم وانتماءاتهم وألسنتهم وألوانهم وبيئاتهم ومرجعياتهم الثقافية. * فخلال أيامه ولياليه تطبيق ميداني لقوله عَزّ وجَل (إنما المؤمنون إخْوَة)؛ أخوَّة إنسانية في أسمى معانيها؛ أخوَّة صادقة تذوب فيها كُلّ الفوارِق، لِتأتي الألفة والمحبة والتعاون والنقاء، أخوَّة نابعة من القلب، تُنَفِذها طَوَاعِيَةً الجوارح؛ ف (الغَايَةُ والشعائر والتحركاتُ واحدة، واللباس واحد، ولُغَة التَلْبِيَة والدعاء مشتركة بين الحَجيج كلهم، والمكان والزمان ظرفان يحتضنان الجميع في طمأنينة وسكون رغم الزِّحَام)، فلا فَرق بين إنسان وآخر إلا فيما يقدمه لنفسه بين يدي الله عز وجَل. * تلك المبادئ والمعاني الإنسانية الراقية التي تظهر في (موسم الحجّ) ما أحوج المسلمين اليوم إلى تعميمها في مجتمعاتهم عبر برامج توعوية وتربوية تهتم بالتطبيق بعيداً عن المواعظ والتنظير؛ لتوَحّدهم بعيداً عن تلك الصِرَاعات الفكرية والطائفية والمذهبية والسياسية التي أصبحت اليوم أدوات لِتَفْتِيْتِهم. * أيضاً (تلك القِيَم الرائعة) التي يزرعها الحَجّ في النفوس، والتي تشهد على عدالة الإسلام وسماحته وإنسانيته، فيها الردّ البليغ على حملات التشويه التي تطاله، والتي تتهمه ظلماً وبهتاناً بالعنف والإرهاب والتطرف وإقصاء الآخَر. * وهنا كم أتمنى أن تعمل كُبريات وسائل الإعلام الإسلامية على تسويق (صورة الحَجّ الفريدة)، وما تحمله من قِيم ورسائل نبيلة لتصل بوضوح للعَالَم الخارجي (أعني غير المُسْلِم).