على وقع ارتفاع حدّة التهديدات العسكريّة بين أمريكا وكوريا الشماليّة، تتّجه أنظار العالم إلى جزيرة غوام الصغيرة غرب المحيط الهادئ، التابعة للولايات المتحدة والبعيدة عن أراضيها جغرافيًا، وتبدو تهديدات كوريا الشمالية، الدولة التي تمتلك صواريخ ورؤوسًا نووية، بإحراق جزيرة غوام الأمريكية جادة نظريًا على الأقل، إذ تقول الوكالة الكورية الآن نبحث بعناية الخطة الحربية لإقامة غلاف ناري في المناطق المحيطة بجزيرة غوام، بواسطة صواريخ بالستية استراتيجية متوسطة المدى من طراز هواسونغ 12، تهديدات رد عليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قائلا: «سيكون من الأفضل لكوريا الشمالية ألا تطلق مزيدًا من التهديدات ضدنا فسيواجهون بالنار والغضب بشكل لم يعرفه العالم سابقًا» فهل ستكون هذه الجزيرة الشرارة الأولى لحرب عالميّة ثالثة؟ اليابان تنشر صواريخ باتريوت أتمت اليابان، نشر مضاداتها الصاروخية الدفاعية بعد التهديدات الكورية، وأفادت وسائل إعلام يابانية أن وزارة الدفاع انتهت من نشر المضادات الصاروخية «باتريوت» في شيمان وهيروشيما وكوشي بغرب اليابان. ووفقًا لوكالة الأنباء «كيودو»، أوضح مسؤولون في وزارة الدفاع اليابانية أن الحكومة انجزت عملية نشر المنظومة في غرب اليابان. غوام.. التاريخ والجغرافيا تقع على بُعد 210 أميال مربعة في غرب المحيط الهادي، جنوب شرق كوريا الشمالية، كما تبعد أكثر من 3 آلاف ميل عن مدينتيّ سيدني وهاواي، وحوالي 3400 كيلومتر عن بيونجيانج. ومساحتها 549 كيلو مترًا مربعًا. وهي أكبر جزر أرخبيل ماريانا بين جزر هاواي والفلبين، ويبلغ تعداد سكانها، نحو 162 ألف شخص، يشكل السكان الأصليون 37 في المئة منهم، ويتحدثون عدة لغات على رأسها الإنجليزية والفلبينية وتشامورو (لغة السكان الأصليين ومعظمهم من هذه القوميّة). وقد اكتشفها في عام 1521 البرتغالي فرديناند ماجلان، وأصبحت منذ عام 1561 ملكية إسبانية، حتى انتزاعها من قبل أمريكا خلال الحرب بين الدولتين، وقد تعرضت الجزيرة للاحتلال الياباني أثناء الفترة ما بين عامي 1941 و1944 خلال الحرب العالمية الثانية. وأعلنت الولاياتالمتحدة أن غوام جزء من أراضيها في الأول من أغسطس 1950م، ونقلت الإشراف عليها من البحرية إلى وزارة الداخلية، وأصبح سكانها مواطنين أمريكيين. وينتخب الناخبون في غوام هيئة تشريعية من مجلس واحد، وينتخبون حاكمًا ونائبًا له، مرة كل أربع سنوات. وقبل عام 1970م كان الرئيس الأمريكي هو الذي يتولى تعيين حكام غوام. ولكن منذ عام 1972م، بدأ سكان غوام في انتخاب وفد لمجلس النواب الأمريكي. ويحق للنواب التصويت في اللجان التابعة لمجلس النواب ولكن ليس في المجلس ذاته. الأهميّة الاستراتيجية تحظى الجزيرة الصغيرة بأهمية استراتيجية أولوية بالنسبة للولايات المتحدة، إذ أقيمت على أراضيها أهم المنشآت العسكرية لواشنطن في منطقة المحيط الهادي، حسب معلومات وكالة المخابرات الأمريكية CIA، وتوضح صحيفة «ذا إندبندنت» البريطانيّة أن الجزيرة تعد أحد المواقع الأمريكية المتقدمة بعد الحرب العالمية الثانية، وأنشئت فيها قاعدة «غوام» البحرية وقاعدة «أندرسن» الجوية، ويقدر تعداد العسكريين المرابطين فيهما بنحو 6 آلاف عسكري. 1/ قاعدة «أندرسن» الجوية شيدت عام 1944 وتشكل منطلقًا لأسراب القاذفات الاستراتيجية «بي-1» و»بي-2» و»بي-52»، ويرابط فيها سرب من الغواصات الأمريكية. وقد اكتسبت غوام أهمية كبيرة في المحيط الهادئ خلال حرب فيتنام، إذ كانت قاعدة للمقاتلات من طراز B-52 التي نفذت مهمات في جنوب شرق آسيا، فضلًا عن استخدامها كنقطة عبور لإجلاء اللاجئين الفيتناميين. كما تضم القاعدة سربا لمروحيات تابعة للبحرية وقاذفات للقوات الجوية، فضلًا عن مدرجين ومخزن كبير للوقود والذخائر. 2/ قاعدة غوام البحرية يعود تاريخ بنائها إلى عام 1898، وتضم ميناء لأربع غواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية وسفينتين لدعم الغواصات وتزويدها بالإمدادات. بالإضافة إلى درعا متطورة مضادة للصواريخ، وما لا يقل عن 6 آلاف جندي. 3 / منظومة ثاد منظومة ثاد الدفاعية والقادرة على تدمير الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى والصواريخ الباليستية تم نشرها على مواقع مختلفة بالجزيرة. ويشير تقرير «ذي إندبندنت» إلى أنه بعد تزويد الجزيرة بمنظومة «ثاد» مكن البيت الأبيض من إقناع حاكم غوام بأنه لا حاجة لتغيير مستوى الإنذار حتى في ظل تصريحات بيونغ يانغ النارية. التهديد الكوري ومناطق النفوذ الصيني تملك كوريا الشمالية خيارت عدّة لاستهداف الجزيرة الهادئة، من ضمنها صاروخ هواسونغ-12. ويقدّر الخبراء اليابانيون مدى صاروخ هواسونغ-12 ب4500 كيلو متر. وذكرت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية أن صاروخًا من هذا النوع حلق لمسافة 787 كيلومترًا أثناء تجربته في مايو 2017. ويعتبر استهداف الجزيرة وفق مجلة أتلانتك الأمريكية تهديداً حقيقيًا لأمريكا، حيث يعتبر موقع الجزيرة هجوميًا لأمريكا لأنه في منتصف الطريق بين شبه الجزيرة الكورية المضطربة وبحر جنوبالصين، حيث تخوض الصين نزاعات إقليمية مع العديد من جيرانها، والبعض منهم حلفاء أمريكا. ورأت المجلة أن تهديد كوريا الشمالية بضرب غوام لا يؤثر فقط في صميم المصالح الأمريكية في المنطقة، ولكن أيضًا يضرب جوهر انعدام الأمن الذي يشعر به سكان غوام الذين يريدون أن تغادرها الولاياتالمتحدة. قدرة واشنطن على حماية الجزيرة؟ خلافًا لتوعد ترامب شديدة اللهجة، فإن تهديدات كوريا الشمالية واضحة وتنطوي على مخاطر تصعيد قابلة للتصديق، وتملك الولاياتالمتحدة الإمكانيات العسكرية التي تتيح لها ضرب مواقع الإنتاج النووي ومخازن السلاح بواسطة قنابل خارقة تستطيع الوصول إلى المنشآت المقامة تحت الأرض والمحمية بطبقات سميكة من الإسمنت المسلح. فالقاذفات الخفية بي-2 التي يصعب كشفها عبر الرادارات والقادرة على حمل القنابل الأكثر تقدمًا، يمكن أن تنطلق من جزيرة غوام في المحيط الهادئ. كما يمكن استخدام صواريخ عابرة تقليدية قادرة على إضعاف القوة النارية لكوريا الشمالية عبر تدمير مدفعيتها ومنصات صواريخها. إلا أن المهمة لن تكون سهلة حتى بالنسبة لقوات مجهزة بمعدات متطورة للغاية. وسيناريوهات الرد الكورية الشمالية متنوعة. فقد تعمد بيونغ يانغ إلى وضع قنابل ذرية على سفنها الحربية لتفجير قواعد استراتيجية أمريكية أو تستهدف حلفاء للولايات المتحدةكاليابان على سبيل المثال.