الكيان العربي هش.. الدولة العربية لم تصمد، في أكثر من مكان، وتهاوت أمام هجمة ما سمي الربيع العربي وما تلاه بعد أن تولت قناة (الجزيرة)، من ضمن مسببات أخرى، بث الفرقة باسم الرأي والرأي الآخر وزرعت بذور الانهيار.. وقبلها سقط العراق أمام غزو أمريكي، ووقف العرب متفرجين بينما دخلت إسرائيل لبنان، ثم قصفته ودمرته بعد انسحابها منه ببضع سنوات.. ولأن الكيان العربي كيانات وليس كيانا واحدا، وجد كل جزء من أجزاء هذا الكيان مبررات لعدم وقوفه بجانب أي جزء آخر تعرض لمواجهة الهجمة على الكيان العربي. الهشاشة، أي هشاشة، أكانت في البشر أو الدول والكيانات، لها دواء ويمكن معالجتها.. وليس من الواضح متى يحين السعي الجاد لمعالجة هذه الهشاشة، هل هي من الآن أم بعد انهيار الكيان العربي بكامله.. والهجمة على هذا الكيان تأتي من الداخل والخارج أكان عبر مسميات داعش أو الربيع أو القاعدة أو أي مسمى آخر.. وكمثال الهجمة الأخيرة حين هدد حسن نصر الله، باسم حزب الله في لبنان، بأنه سوف يستقدم إلى لبنان جحافل (شيعية) من أفغانستانوإيران وغيرها بحجة الدفاع عن لبنان، الذي يبدو أن شعبه العربي من سنة وشيعة ومسيحيين ودروز ومؤسسات الدولة فيه، هي من القصر الذين قررت إيران فرض حسن نصر الله وليا لأمرهم وقاهرا لإرادتهم. هذا نموذج لهشاشة الكيان العربي الذي يكون عملاء دول أجنبية يتولون الوصاية عليه ويتم جلب المرتزقة لقهره والاستيطان فيه بحجة حماية حدوده.. سقط العراق الدولة، وسقطت فيه القاعدة ومن المتوقع سقوط دولة خلافة داعش فيه قريبا، ولكنه لن يعود كيانا واحدا ومن المشكوك فيه أن يبقى عربيا سوى في جزء صغير منه، أما الباقي فسيلتهمه الجيران مباشرة أو عبر وكلاء.. وسقطت سوريا، وهي الآن أشلاء تتآمر إيران وأمريكا وروسيا وتركيا وإسرائيل لتوزيعها غنائم فيما بينهم تاركين بشار الأسد وزمرته يتباهي بنصر وهمي في حربه على شعبه.. وتحولت ليبيا إلى ولايات وكيانات يهيمن عليها العصابات والمرتزقة لصالح أطراف استخبارية إقليمية ودولية.. أما اليمن فلا يتوقع حتى أكثر المتفائلين أن تعود كيانا أو كيانين بعد أن مزقها الحوثيون بدعم إيراني، بل ستتحول إلى كيانات متعددة متى توقف حربها. ما نستقبله من أيامنا هو أكثر تعقيدا مما ودعنا.. فحرب العراق خلفت داعش، وسيتم استعادة الأراضي التي تهيمن عليها، ولكن لن يتم، بالسهولة نفسها، القضاء على فكرها، ولا إيقاف كامل لتمويلها من المستفيدين من أفكارها المتطرفة، والقضاء على دولة داعش لن يؤدي للقضاء على النبتة الشريرة التي زرعها الإيرانيون في العراق تحت مسمى (الحشد الشعبي). مطلوب تماسك الكيان العربي، فالوطن العربي واحد، حتى وإن كان في دول وكيانات سياسية متعددة، وجزء من علاج هشاشته التخلي عن أي أيديولوجيا تمزقه وإيقاف تخريب مثل قناة (الجزيرة) ومن ورائها.. والتماسك ليس مطلوبا للشعوب فحسب بل من الضرورة أن يكون فيما بين الطبقات الحاكمة نفسها، وأن يسعى كل جزء من الكيان العربي المحافظة على سلامة وأمن الأجزاء الأخرى. وأن يحترم كل جزء من هذا الكيان خصوصية وتميز أي جزء آخر عن باقي الأجزاء، ويسعى العربي لدعم العربي أولا ويحافظ على كينونته ويتخلى عن شعارات التخريب بأي اسم وشكل من الأشكال الأيدولوجية التقسيمية.. وإلا فإنها الهاوية للجميع.