إيران منذ ثورة الخميني وهم يصرحون بأن هدف الثورة بعد انتصارها، تصديرها إلى دول الجوار. وبسبب هذه الدعوات الإمبريالية التوسعية، دخلت إيران حربًا مع العراق في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، كلفتها اقتصاديًا كما انعكست على استقرارها، بالشكل الذي جعلها تضطر إلى هراوات الحرس الثوري لاجتثاث المعارضين والمتذمرين، للحفاظ على أمنها واستقرارها. ومازالت بعد هزيمتها من العراق، تحاول بشتى الطرق أن تصدر الثورة ولكن من خلال آخرين، يقومون بإذكاء النعرة المذهبية وتأجيج الشغب من هذه المنطلقات لإثارة المشكلات والاضطرابات في الدول المحيطة بها، على أمل أن يمهدوا لها الطريق لبسط توسعها وبالتالي هيمنتها. فلا يكاد يمر شهر أو شهران دون أن تكتشف هذه الدولة الخليجية أو تلك خلية إرهابية تابعة للحرس الثوري، يُعلن عن أسماء أعضائها، وجميعهم دون استثناء من لون مذهبي واحد، ويظهرون بالصور الأسلحة والمتفجرات وأدوات التخريب، المصدرة من إيران، وتحديدًا الحرس الثوري الإيراني. ثم نسمع رئيس الجمهورية الإيرانية - مثلاً - أو وزير الخارجية يصرحون بأنهم يسعون إلى الجلوس على طاولة المفاوضات مع المملكة ودول الخليج، وحل المشكلات العالقة بيننا وبينهم. مشكلتنا مع إيران أنهم على ما يبدو يعيشون في التاريخ، وبمنطق الماضويين، ويطمحون باحتلال دول العالم العربي، سواء تلك التي لها حدود مشتركة معهم، أو البعيدة عنهم، كسوريا ولبنان واليمن؛ الأمر الذي يجعل خلافنا مع إيران ليس خلافًا في وجهات النظر، لنحلها على طاولة المفاوضات، وإنما خلاف يمتد إلى أن نكون أو لا نكون؛ وفي تقديري أن إصرار إيران على إذكاء الصراعات المذهبية بين السنة والشيعة، لتكون ذريعة للتدخل في شؤون الدول العربية هي أس القضية ولب المشكلة، وليس لدي أي شك أن ألسنة اللهب سترتد في النهاية على إيران، لتفجر مكوناتها المذهبية والطائفية والإثنية التي تتكون منها التركيبة الديمغرافية الإيرانية، وهي بالمناسبة في منتهى الضعف والهشاشة، خاصة والمشكلات الاقتصادية في كل أنحاء إيران، تكبر وتتراكم تبعاتها، وتتضخم مع مرور الوقت، ولا بد لهذه المشكلات أن تنفجر قطعًا؛ ولن يضمن عدم انفجارها إلا التنمية الاقتصادية، لكن التنمية الاقتصادية ليست عند نظام الملالي الحاكم من ضمن الأولويات، فالأولوية هي للقوة والصرف على الأحلام التوسعية خارج الحدود. العراق التي ذاق منها الإيرانيون كثيرًا من الصفعات (المذلة) كما يقول التاريخ القريب والبعيد، ها هي مؤشرات انتفاضة لن تبقي ولن تذر تستعر تحت الرماد، لكن يعيقها (فقط) القضاء على داعش، وحينما تنتهي داعش، سيلتفت العراقيون شرقًا إلى إيران، ليخرجوهم من ديارهم؛ وخصوصًا أن لدى الوطنيين العراقيين، سنة وشيعة، موقفًا تكتنفه الأنفة على تدخلاتها في شؤونهم الوطنية، التي تمس سيادة العراق، وتنتهك كبرياء الإنسان العراقي. والسؤال: هل يمكن لنا والعدو الفارسي بهذه العقلية والطموحات التوسعية أن نصل إلى نقطة تلاقي بيننا وبينه؟.. لنجلس على طاولة المفاوضات؟.. لا أعتقد أن عاقلاً موضوعيًا سيقول نعم بالإمكان؛ لأن ملالي إيران لا يستطيعون أن يتخلصوا من طموحاتهم الإمبريالية، ولو - جدلاً - فعلوا، لسقط نظامهم في اليوم الثاني لذلك أقولها، وقد قلتها مرات ومرات: العمل على إفشال مشروعات إيران التوسعية بأية طريقة، هو بمنزلة خط الدفاع الأول بلا منازع للمملكة ودول الخليج. إلى اللقاء