بعد نشر مقالي (اعدلوا بين أبنائكم)، الذي أشرت فيه إلى وجوب العدل بين الأبناء في العطايا، سُئلت عن رأيي فيما يعطيه الوالد للابن، الذي يعمل معه في تجارته وشركاته من عطايا لا يعطي مثلها أبناءه الذين لا يعملون معه. وأبين، أن هذا النوع من العطايا ليس من باب تفضيل ابن عن باقي إخوته، وإنما هو عبارة عن أجر مقابل ما يقوم به الابن من عمل وجهد، مثل أجر أي شخص قد يوظَف للقيام بذلك العمل. إلا أن الأجر الذي يمنح للابن- في رأيي- لابد أن يكون على قدر الأعمال والمسؤوليات المناطة به، فإذا زاد الأجر عن ذلك كان ذريعة إلى وقوع الضغينة في نفوس باقي الأبناء. والابن الذي يكلفه الوالد -على سبيل المثال- بأعمال إدارية بسيطة، أو بمهام محدودة، أرى أن يعطى مقابل ذلك أجرًا محددًا (شهري/ سنوي)، وكل ما زادت الأعمال أو المهام زاد الأجر. أما الابن الذي يدير العمل بشكل كامل متحملًا جميع مسؤولياته، مع إشراف الوالد فقط، أو ابتعاده تمامًا عن العمل، فالعدل في هذه الحالة يقتضي- من وجهة نظري- منح ذلك الابن عطايا ومزايا أكبر، كمنحه نسبة معقولة من أرباح الشركة، أو حتى إدخاله كشريك فيها بنسبة بسيطة، خصوصًا إذا ساهم الابن في تطوير وتنمية العمل بشكل لافت، نتج عنه زيادة الأرباح. والعطايا من النوع الثاني يفضل أن تعطى للابن العامل أثناء حياة الوالد؛ ولا يحق للابن بعد وفاة والده مطالبة باقي الورثة بما يُميّزه عنهم، من أموال أو تعويضات أو حصة في الشركة زيادة على نصيبه الشرعي، بحجة أنه ساهم مع والده في تنمية وتطوير العمل وأفنى عمره في ذلك، لأن المال فور وفاة الوالد يصبح ملكًا للورثة، ولا يكون التصرف فيه إلا بإذنهم. وهنا أرجو من جميع الآباء، الذين يعمل أبناؤهم معهم، وضع نظام دقيق وواضح لتعويض الأبناء المساهمين في العمل مكتوب وموثق بعقود أو قرارات مصاغة بشكل سليم من قِبل محام متخصص؛ وإذا رغب الوالد في منح الابن العامل تعويضًا ماليًا مناسبًا، أو حصصًا في شركات، أو غير ذلك، فمن الضروري جدًا أن يمضي الوالد ذلك في حياته (ولا يكون بوصية)، درءًا للخلاف، الذي سيقع لا محالة - بشكل أو بآخر- بعد وفاته إذا طالب الابن العامل بالتعويض عن جهده في تطوير عمل والده. علاء عدنان يماني [email protected]