من المعلوم أهمية النوم الجيد للإنسان، وضرورة تعامله مع الحرمان منه بشكل عمَلي يحد من مضاعفات نقص النوم، حيث يعاني حوالى (37%) من الناس من نقص عدد ساعات النوم المطلوبة إذ ينامون أقل من (7) ساعات ليليًا. ومن مضاعفات الحرمان من النوم: تعكّر المزاج، وقلة التركيز، وضعف الذاكرة، والخمول وزيادة النّعاس أثناء النهار، ورداءة وقلة الإنتاج الوظيفي والتحصيل الدراسي، فضلا عن ارتفاع نسبة التعرّض لحوادث السيارات وإصابات العمل، وخاصة لدى موظفي الورديات الليلة والمتعاقبة. ونتيجة امتداد ساعات الدوام الرسمي في كثير من القطاعات الحكومية والخاصة، يعاني كثير من الموظفين من الإرهاق والنعاس المفرط وخاصة في ساعات بعد الظهر، نتيجة تأثرهم بالضغط الطبيعي الذي تمارسه الساعة الحيوية للإنسان في هذا الوقت (2-5 مساء)، حيث يميل الجسم والعقل إلى الاسترخاء والنعاس والخمول، وقلة التركيز والإنتاجية الفكرية، بغض النظر عن عوامل بدنية أو سلوكية أو اجتماعية أخرى. وقد أشارت دراسات علمية إلى أهمية «القيلولة» للعاملين لساعات دوام طويلة، ومنها نتائج دراسة مختبر جامعة مانشستر للأمراض العصبية التي أظهرت أن الموظفين الذين تمكنوا من أخذ قسط من القيلولة، كانت ذاكرتهم أكثر حيوية وأكثر قدرة على العطاء، كما أكدت أن «القيلولة» في فترة ما بعد الظهر، تساعد على تحسين الإنتاجية والإبداع الفكري. وبالفعل، فإن عددًا من الشركات في المجتمعات المتقدّمة، اعتمدت آلية السماح للموظفين بأخذ «غفوة» قصيرة خلال الدوام، في أجواء هادئة محفزة على النوم، وصلت إلى حد تخصيص غرف مستقلة لهذا الغرض الصحي، بغية تجديد نشاط الموظف ودعم إنتاجيته، حيث أشارت تقارير إلى أن (29%) من الموظفين يقاومون نعاسًا شديدًا أو أنهم ينامون بالفعل خلال عملهم، في حين تتكبّد الولاياتالمتحدةالأمريكية (63 مليار دولار) سنويًا نتيجة نقص الإنتاجية في العمل. أقترح وضع تنظيم إداري يعطي الموظف خلال ساعات عمله التي قد تمتد قرابة 10 ساعات، فرصة «القيلولة» لمدة مناسبة لا تزيد عن 45 دقيقة، لتجديد نشاطه ورفع كفاءته، وخاصة في وظائف تتطلب تركيزًا شديدًا وذهنًا صافيًا وحرفية عالية، فمن الثابت علميًا الأثر الإيجابي للغفوة القصيرة في التخفيف من ضغوطات العمل على الصحة والمزاج.