عقد مجلس جامعة الدول العربيَّة دورته العادية رقم (147) يوم الثلاثاء الماضي، في مقر الجامعة؛ لمناقشة بنوده البالغ عددها (28) بندًا. نعم هكذا (28) بندًا غير المقترحة من دول عربيَّة لإضافتها لجدول الأعمال مثل: مقترح دولة الأردن مناقشة العناصر الأساسية لمشروع جدول أعمال القمَّة العربيَّة التي ستستضيفها الأردن في هذا الشهر. حسب تصريح سابق لنائب الأمين العام للجامعة السفير أحمد بن حلي، فإنَّ البنود ال(28) «تتناول مجمل قضايا العمل العربي المشترك في المجالات السياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، وفي صدارتها القضيَّة الفلسطينيَّة، والأزمات في العراق، وليبيا، وسوريا، واليمن، ومكافحة الإرهاب، والتدخل الإيراني والتركي في الشؤون الداخليَّة للدول العربيَّة، والعلاقات العربيَّة مع التجمُّعات الإقليميَّة، إلى جانب ملف تطوير وإصلاح الجامعة العربيَّة». جدول كهذا، يحتاج إلى عشرات السنين لدراسته، ووضع الحلول المناسبة له، لكنَّه في العالم العربي يمكن إدراجه ضمن جدول أعمال جلسة، ربما لن تستغرق في أطول الحالات ساعاتٍ قليلةً، وبالفعل كان اجتماع المجلس، وتمَّت مناقشة كلِّ هذه البنود، وحسب تصاريح الأمين العام للجامعة أحمد أبوالغيط، ووزير الخارجيَّة الجزائري، الذي ترأس الجلسة؛ لأحقيَّة بلاده في هذه الدورة، فإنَّ وزراء الخارجيَّة العرب ناقشوا كلَّ تلك البنود، وخرجوا بتوصياتٍ، وتأكيداتٍ منها: «مطالبة جميع الدول الالتزام بقراري مجلس الأمن (476)، و(478) لعام 1980م، ومبادئ القانون الدولي التي تعتبر ضم إسرائيل للقدس مُلغى وباطلاً».. كما اتفقوا جميعًا على «ضرورة إصلاح منظومة الجامعة العربيَّة، وحل أزمات ليبيا وسوريا واليمن، بعيدًا عن التدخلات الخارجيَّة». وبحسب الأمين العام أحمد أبوالغيط: «فإنَّ الاجتماع التشاوري الذي سبق الجلسة الافتتاحيَّة، ساهم بدرجةٍ عاليةٍ في توافق عربي - عربي كامل، حول نقاط الخلاف التي أثارت جدلاً خلال الاجتماعات التمهيديَّة التي عقدها المندوبون الدائمون.. وأنَّ الوضع العربي الحالي ليس جاهزًا لعودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربيَّة». في زيارة تاريخيَّة خاطفة لجدول أعمال ال(146) جلسة السابقة، ولاجتماعات المندوبين الدائمين في جامعة الدول العربيَّة، ولقاءات القمة العربيَّة التي ستبلغ مع قمة الأردن (28)، كلها تتشابه في بنودها، والتي لا تخرج عن القضيَّة الفلسطينيَّة، وتطوّراتها، ومناقشة إصلاح منظومة الجامعة، ورأب الصدع بين الأشقاء العرب، وتقريب وجهات النظر بين الدول العربيَّة في علاقاتها مع الدول الإقليميَّة المحيطة بها، وتحفيز التنمية المستدامة في البلدان العربيَّة، ورعاية حقوق الإنسان العربي، وهلمَّ جرا، وهو ما كان يخلق آمالاً وتطلعاتٍ شعبيَّةً في كافَّة الأقطار العربيَّة لأوضاع أحسن، واستقرار أفضل، ولكن وبحسبة عقلانيَّة لم يحدث شيء أبدًا منذ تأسيس جامعة الدول العربيَّة في 22 مارس 1945م، أيّ بالتمام والكمال (72) سنة، والسبب في رأيي هو هذه الارتجاليَّة في تناول القضايا العربيَّة، ودش الاجتماعات بكمٍّ كبيرٍ من البنود التي يحتاج كل بند فيها إلى جلسات خاصَّة، ومناقشات مستفيضة وتفصيليَّة. أمَّا إذا استمرَّ الحالُ كما هو عليه، فلن يرى العرب سوى تقليص لحقوقهم، وتضخم في مشكلاتهم وأزماتهم، وتقزيم لأهمِّ قضية لهم القضيَّة الفلسطينيَّة، التي بدأت بإنكار قيام إسرائيل، إلى أن وصلت فقط إلى المطالبة بالسماح في وقت سابق، بخروج الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات للعلاج في الخارج..!