يبدو أن كتاب (استجواب رئيس) لمؤلِّفه الأمريكي جون نيكسون ستزداد أهميته مع الأيام ومع احترافية تعامل الإعلام العالمي معه، وبالذات إعلام دول الشرق الأوسط، لأنَّه يكشف الكثير والكثير من الخفايا السياسيَّة والأهم من هذا كله أنَّه يكشف خبايا القرار السياسي الأمريكي لمن أراد أن يعرف ملامحه ويتعامل معه بدهاء سياسي، تكمن أهميَّة الكتاب من أهميَّة مؤلِّفه، حيث إن جون نيكسون من أهم مسؤولي المخابرات الأمريكيَّة ومن أمهرهم على الإطلاق وقد تولَّى الكثير من المهام والملفات الخطيرة والحساسة على مستوى العالم، وكان من المتخصصين بدراسة شخصيَّات رؤساء الدول وجمع المعلومات عنهم، تخصصه الدقيق هذا جعل صنَّاع القرار السياسي الأمريكي لا يستطيعون الاستغناء عنه، وبالذات فيما يخص رؤساء دول الشرق الأوسط، تلك المنطقة التي لم تستقر يومًا من الأيام وأحداثها تتسارع بشكل غريب وصادم، كل ما يتعلَّق بنقاط قوة وضعف شخصيَّات رؤساء الدول الشرق أوسطيَّة يستطيع جون نيسكون أن يجيبك عليه بدقة، استعانت به الحكومة الأمريكيَّة للتحقيق مع الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، لأنَّه المتخصص والأكثر مهارة في هذا الشأن، كعادة الغرب في الإيمان بالتخصص، أصبح نيكسون أول شخص يتحدث مع صدام حسين بعد عزلة طويلة في السجن، تحدّث معه أيامًا طويلة، عرف عنه كل شيء، وسمع منه كل شيء، وبعد سنوات طويلة وجد أنَّه يملك القدرة على تأليف كتاب عن هذه التجربة المثيرة قد تساهم في تغيير الكثير من المعادلات والمفاهيم فيما يخص السياسة الأمريكيَّة بالذات، أهم ما قاله نيكسون في كتابه: «قد اعتدت أن أقول إنَّ ما تتوصل إليه المخابرات المركزيَّة الأمريكيَّة مهم، وأن الرئيس سوف يسمعنا، لكن ثبت لي أنَّه ليس مهمًّا بما يكفي، وأن السياسة تتفوق على المعلومات المخابراتيَّة في النهاية». أكَّد أيضًا في كتابه أن الرئيس العراقي السابق أوقف البرنامج النووي لبلاده منذ سنوات عدة قبل سقوطه في أيدي القوات الأمريكيَّة، وأنَّه لم يكن يعتزم في أي مرحلة من ذلك الوقت استئنافه ثانية، هذا الكتاب يكشف كذب السياسة الأمريكيَّة ويوحي لي بفكرة أتمنَّى أن تتبنَّاها الأممالمتحدة وهي اعتماد جهاز كشف الكذب، كلَّما تحدَّث مندوبو الدول الأعضاء، فقد سئمنا الكذب السياسي!