مهما قلنا.. ومهما تحدثنا عن قضائنا ومحاكمنا فلن نوفيها حقها.. لا من حيث العدالة والنزاهة.. ولا من حيث تطبيق الأحكام الشرعية التي فيها صلاح البلاد والعباد.. ولا من حيث المستوى الكبير لأصحاب الفضيلة القضاة وقدرتهم على التصدي للأحكام..وهذا ما جعل العالم كله يشيد بالقضاء السعودي.. ويعده أنموذجاً يحتذى.. مثلما أشاد بالقاضي السعودي كفاءةً وقدرةً وتميّزاً وحضوراً. ** وقد تحدثت أكثر من مرة.. ومن خلال هذه الزاوية عن القضاء والقضاة.. وبيّنت المستوى الكبير والمشرِّف الذي وصل إليه قضاؤنا.. وحجم ما يمثّله على المستوى الدولي.. ونقلت شهادات دولية كلها تشيد بالقضاء السعودي والقضاة السعوديين. ** وحديثي هنا اليوم.. هو مجرد نقل لما يردني أحياناً من رسائل تتحدث عن تأخّر البت في بعض القضايا الواضحة أمام المحاكم. ** نعم.. هناك شكوى من تأخّر البت في القضايا.. وهي شكوى عالمية يشتكي منها كل بلد تقريباً، حيث بعض القضايا تأخذ سنوات وسنوات.. وهذا ربما يكون من متطلبات القضية إذا كانت معقَّدة ومتشعِّبة ومتفرِّعة ويصعب السيطرة عليها ولملمة جوانبها. ** لكن هناك قضايا بسيطة وواضحة.. ومن أبرزها.. الخلافات المالية البسيطة.. كالخلاف على إيجار أو سداد قرض أو سلفة أو سمسرة أو مديونيات واضحة مضبوطة.. أو ما شابه ذلك من القضايا الظاهرة البسيطة.. التي لا تحتاج.. إلا إلى جلسة أو جلستين والأمر فيها واضح ولا يحتاج إلى جلسات وتجاذب وأخذ ورد وطعون ودفوع وشهود وبيِّنات متلاحقة. ** يقول أصحاب هذه الرسائل التي وردتني.. إن التساهل مع مثل هذه القضايا الواضحة البسيطة والتساهل في إحضار الخصوم.. مكَّن مَن لا ذمة له.. ومَن ذمته حسب مزاجه.. مكَّنه من التلاعب والتحايل وأكل حقوق الآخرين.. ** يقول هؤلاء.. إنك تشتكي لدى المحكمة.. وتأخذ ورقة إحضار.. فيتهرّب من استلامها.. ثم إذا استلمها تهرَّب مرتين وثلاثاً من الحضور.. ثم إذا حضر في الرابعة طلب مهلةً ثم تهرَّب ثلاث مرات أخرى.. فمرة إنه مسافر.. وأخرى إنه في المستشفى.. ومرة ينكر أنه تبلَّغ.. وهكذا من المراوغات التي جعلت أكثر أصحاب الحقوق يتركونها ويتنازلون عنها.. وتكون فرصة لكل متلاعب ومتحايل ونصَّاب. ** التساهل مع هؤلاء.. يشجّعهم على المماطلة والتحايل وأكل حقوق الآخرين. ** مثل هذه القضايا - وكما تقول الرسائل- واضحة.. كأن يوجد عقد وعليه شهود.. وقد حلَّ موعد السداد.. وهكذا إذا كانت القضية واضحة ولا تحتاج إلى استرسال ووقت وبحث عن أدلة أو أدلة مضادة. ** هذه الرسائل التي وردتني.. كلها تطالب أصحاب الفضيلة القضاة بالحزم مع هؤلاء المتلاعبين الذين ملأوا الساحة اليوم.. وأشغلوا الشرطة والمحاكم والهيئات والجهات المسئولة. ** شغلوها بتلاعبهم ومماطلاتهم وتحايلهم وكذبهم.. دون أن يكون هناك إجراء صارم رادع يوقفهم عند حدّهم. ** اليوم.. ضعفت الذمم.. وصار الحلال - عند البعض - هو ما حلَّ الجيب - وكثر المماطلون والمتلاعبون بحقوق عباد الله.. وكذلك المتهرّبون من أداء هذه الحقوق. ** نعم.. اليوم.. كثر المتحايلون والنصَّابون وأصحاب الأفخاخ.. مما يحتاج معه إلى حزم وضبط. ** فيجب ألا يُكتفى بمجرد أداء الحق: بل لا بد من معاقبة كل متلاعب أو متحايل إذا ثبت أنه عطَّل حقوق العباد أو تلاعب في سدادها.. أو حاول النصب والتحايل وسعى في ذلك.. إذ إنه أظهر توجهاً ورغبةً وسعياً للتحايل والنصب ومحاولة أكل حقوق الآخرين متعمِّداً. ** والمحاكم جزاهم الله خيراً.. يسعون ويعملون لإعادة هذه الحقوق.. ولكن القضية تأخذ وقتاً طويلاً مما يجعل صاحب الحق يتركه حفاظاً على وقته وجهده. ** ثم إن بعض المتحايلين والنصَّابين والخبثاء.. عندما يدرك أن هذا الإجراء سيطول.. وقد ينتهي أو لا ينتهي.. يلجأ إلى التحايل والتلاعب لأنه في النهاية.. لن يُطلب منه أكثر من أداء الحق الذي عليه.. بل ربما لجأ القاضي إلى (الصُّلح).. والصُّلح عادةً يكون بدفع نصف المبلغ أو جزء منه أو تقسيطه.. وهذا ما يريده المتلاعب.. لأنه يريد في النهاية.. النكاية بالطرف الآخر. ** وتقول الرسائل إذا كانت القضية واضحة لماذا يحتاج إلى كل هذا الوقت؟ ولماذا يُعطى المتحايل فرصةً للتلاعب والتهرّب وفي النهاية.. قد لا يسدِّد إلا جزءاً من المبلغ وبالتقسيط؟ ** لماذا لا يكون هناك إجراء سريع وحازم ورادع يضبط حقوق عباد الله.. ويوقف هؤلاء النصَّابين المتلاعبين؟ ** إنه رجاء لأصحاب الفضيلة القضاة حفظهم الله وأثابهم على ما يقدِّمون من جهد عظيم.