وفي الفصل الأول: الذي تحته تسعة عناوين، بعد أن تحدّث عن هذه العناوين، التي تثبت مكانة المسجد الأقصى، وما حوله بالنصوص الكريمة، من كتاب الله العزيز، وبما جاء في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم الشَّريفة، ثم دخل في الحديث عن معالم المسجد الأقصى.. ، ومن بناه وعمارته ومدارسه، على مرّ التاريخ وما قام فيه من دروس العلم، ومن تخرّج من العلماء ومجالسهم، وآثاره العلمية. ذلك أن من يقرأ العناوين من ص 7 -34 بإيجاز فإنه يتمتع بروحانية تنقل أفكاره وتخيّلاته، إلى حالة المسجد الأقصى، بالتوضيح والإرشادات والصور، وكأنّ القارئ يشاهد الأقصى عياناً، حيث بيَّن حقائق عن قبّة الصخرة، ونفى كل ما قِيلَ مِن أكاذيب لا صحة لها، وما جاء عنها من خرافات وردتْ في بعض الكُتب: كبدائع الزهور، ومن ذلك ما قاله المؤلف: قبَّة الصخرة هي أقدم أثر معماري إسلامي، باقٍ حتى الآن، أنشأها الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وتعد من درر الفنون الإسلامية، وبُنيت داخل أسوار المسجد الأقصى، لتكون قبّة للمسجد، فوق الصخرة التي قيل فيها الكثير، مما لا يثبت سنداً وشرعاً، والصخرة شكل غير منتظم من الحجر، نصف دائرة تقريباً، أبعادها (5م في 7م في 3م الارتفاع). والصخرة تشكِّل أعلى بقعة في المسجد الأقصى، وأسفل الصخرة يوجد كهف مرتفع تقريباً، طول ضلعه (4.5م) بعمق (2.5م) يصلي فيه بعضُ الناس، بحسب اعتقادهم، ويوجد في سقف هذا الكهف، ثقب قطره متر واحد، تقريباً، وهي ليست معلقة، ولم تكن معلقة في يوم من الأيام كما يُشاع، وكلّ ما يروى في قصتها فهو من الخرافات التي لا تثبت. (ص 18). وفي ص 34 تحدّث عن أخطاء شائعة، في فضيلة صخرة بيت المقدس، فقال: إن من الخطأ ما تظهره وسائل الإعلام الإسلامية والعالمية: أن الصخرة ومسجدها، هي المسجد الأقصى، وأن لها قداسة خاصَّة، بلغ ببعض المسلمين، التجاوز والإفراط، حيث قالوا في الصخرة التي ببيت المقدس، من الأمور المنكرة ما يلي: 1 - أنه كان عليها ياقوتة تضيء بالليل كضوء الشمس، ولم تزل كذلك حتى فرّ بها بختنصّر. 2 - أنها من صخور الجنة. 3 - أن صخرة بيت المقدس تتحوّل إلى مرجانة بيضاء. 4 - أن إليها المحشر ومنها المنشر. 5 - أن سيّد الصخور صخرة بيت المقدس. 6 - أنها صخرة معلّقة من جميع الجهات. 7 - أن مياه الأرض كلّها تخرج من تحت الصخرة. 8 - أن فيها موضع قدم رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم. 9 - أن عليها أثّر أجنحة الملائكة. 10 - أن المياه العذبة، والرياح اللّواقح، من تحت صخرة ببيت المقدس. 11 - أن الماء يخرج من أصل الصخرة. 12 - أن هذه الصخرة: عرش الله الأدنى، ومن تحتها بسطت الأرض. 13 - أنها على نهر من أنهار الجنة. 14 - أن هذه الصخرة وسط الدنيا، وأوسط الدنيا كلها. 15 - أنه عُرج بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم منها إلى السماء، وارتفعت وراءه، وأشار إليها جبريل أن اثبتي. 16 - أن لها مكانة كالحجر الأسود في الكعبة. وقد أنكر علماء الإسلام هذا التعلّق بالصخرة، وبيّنوا أنها صخرة من صخور المسجد الأقصى، وجزء منه، وبيَّنوا أنها صخرة من صخور المسجد الأقصى، وليس لها أي مزيّة خاصة، ثم بيَّن ما قاله العلماء، ومنهم ابن تيمية في فتاواه، من تكذيب وتفنيد لتلك الاعتقادات، وأنه لا يصح منها شيء، وإنما هي وغيرها تجاوزات من بعض العامة (ص 34 - 36) وأعقب ذلك في جزء من ص 36 وص 37 بأخطاء شائعة منها: تسمية المسجد الأقصى حرماً، حيث لم يثبت هذا القول، عن أحد من العلماء المحققين، وإنما الثابت: الحرم بمكة، والحرم بالمدينة، وما سوى ذلك فهي مساجد، ومنها الصخرة والمسجد الأقصى. ومن أسمائه الثابتة: بالكتاب والسنة: المسجد الأقصى، وبيت المقدس، ومسجد إيليا، والمسجد الأقصى فيه من الفضل ما فيه، ولا نضيف في مسمياته ما لم يشرع الله (ص 37). وذكر أن من الصحابة من شدّ الرحال إليه، حيث قصدوه بالسكن والعبادة والوعظ والإرشاد، وذكر منهم (20) عشرين صحابياً (ص 38). وعن الأوائل ذكر أن أول من بناه في الإسلام عمر بن الخطاب، وأول من أذّن فيه بعد الفتح بلال بن رباح، وأول من أمَّ المسلمين بعد عمر بن الخطاب سلامة بن قيصر، وأول من ولي القضاء فيه من المسلمين عبادة من الصامت. كما ذكر في التنبيهات والتوجيهات أموراً بلغت (20) حالة، لا تجوز شرعاً في المسجد الأقصى منها: - لا يجوز تعظيم أي نوع من أنواعه، كالتمسّح بها وتقبيلها، وسوق الغنم إليها لذبحها هناك ولا غير ذلك، كما لا يجوز التمسّح أو التقبيل، أو الطواف بأي شيء في المسجد الأقصى المبارك، ولا يجوز لأحد أن يسأل قبراً، ولا ولياً ولا غيرها في قضاء حاجة أو تفريج كربة، أو شفاء مريض، أو أن يشفع له في الآخرة، أو نحو ذلك لأن هذا لا يطلب إلا من الله عزَّ وجلَّ، وطلبه من الأموات شرك بالله، ولا يجوز الصلاة عندما يُقال: إنه قبر إبراهيم الخليل، في مدينة الخليل. أما قول: من زارني وزار إبراهيم في عام واحد، ضَمِنْتُ له الجنة، فهو حديث لا يصح وهو مكذوب باتفاق أهل المعرفة بالحديث (39). - وتعرَّض لألفاظ أُطلقت، وهي لا تصح، لأن وراءها ما يطمس الحقائق، مثل حارة اليهود التي اسمها الحقيقي حارة المغاربة، لأن هذا من اصطلاح الصليبيين ثم اليهود، لطمس معالم المسلمين في التوسعة للمسجد في عهد الأمويين، وكل تلك الألفاظ وعددها (13) تخدم اليهود في تغيير الملامح الإسلامية، بهوية يهودية صليبية (ص40 -41). والفصل الثاني سماه المسجد الأقصى، وشهادة التاريخ: وفيه بداية من ص 45، عنوان بدأ ذلك بدعوة الأنبياء وسؤالهم، والخلفاء الراشدين، ومعاملتهم الحسنة، للأهالي وهم أهل إيليا (46 - 49). ثم أتبع ذلك ببرقية القائد أبي عبيدة إلى البطارقة، وهذا نصها: من أبي عبيدة بن الجراح، إلى بطارقة أهل إيليا وسكانها، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله وبالرسول: أما بعد فإنا ندعوكم، إلى شهادة أنّ لا إله إلا الله، ومحمد رسول الله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور، فإنْ شهدتم بذلك، حَرُمتْ علينا أموالكم ودماؤكم، وذراريكم، وكنتم لنا إخواناً، وإنْ أبيتم فأقروا لنا بأداء الجزية، عن يد وأنتم صاغرون. وإن أبيتم سرتُ إليكم بقوم هم أشد حباً للموت، منكم لشرب الخمرة، وأكل لحم الخنزير، ثم لا أرجع عنكم إن شاء الله أبداً، حتى أقتل مقاتلتكم، وأسبي ذراريكم (ص50). وقد جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بناءً على طلب البطارقة، ليسلّموه المفاتيح، فكتب معهم وثيقة بذلك، سُميت الوثيقة العمرية، وأورد نصها وهو: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى أمير المؤمنين: عبد الله عمر بن الخطاب، أهل إيليا من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبارئيها وسائر ملّتها، أن لا تسكن كنائسهم، ولا تهدم، ولا ينتقص منها، ولا من حيزها، ولا من صُلُبُهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يَسْكُنُ بإيلياء معهم أحد من اليهود. وعلى أهل إيليا أن يعطوا الجزية، كما يعطي أهل المدائن، وعليهم أن يُخرجوا منها الروم واللصوص، فمن خرج منهم، فإنه آمن على نفسه وماله، حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه ما على أهل إيليا من الجزية.. ومن أحبّ من أهل إيليا أن يسير بنفسه مع الروم، ويخلي بيعهم وصُلُبُهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم، وصُلُبُهم، حتى يبلغوا مأمنهم. فمن شاء منهم قعد، وعليه مثل ما على أهل إيليا من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء، حتى يحصد حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب، عهد الله وذمّة رسوله وذمّة الخلفاء والمؤمنين، إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية. شهد على ذلك خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان، وكتب وحضر سنة 15 هجرية، ثم إنّ المؤلف: اتبع ذلك بصفحة كاملة، عمّا جاء في ظلال هذه الوثيقة (ص52-53). وفي الصفحات (54 - 55) تحدث عن صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، وتحريره المسجد الأقصى من الصليبيين، مبيِّناً أسباب النصر، وتحرير بيت المقدس عام (583ه)، ومقارناً بين سماحة الإسلام، والحقد الصليبي. وعن سماحة الإسلام، نذكر بعض ما أورده بألسنة الغربيين، فهذا ستيفن لين يقول: إن السلطان: قد سمح لعدد كبير بالرحيل، دون فدية، ويقول ستانلي لين بول: إن السلطان قد قضى يوماً من بزوغ الشمس إلى غروبها، وهو فاتح الباب للعجزة، والفقراء، تَخْرجُ من دون من أن تدفع الجزية.