تعاني سابك مشاكل من جانبين مهمين: الأول الأزمة المالية العالمية وتداعياتها، والثاني صفقة استحواذها على وحدة جنرال إلكتريك وتبعاتها.. ولقد مضى قرابة السنتين منذ توقيع سابك عقد الاستحواذ على شركة جنرال إلكتريك بقيمة 43.5 مليار ريال في صفقة تُعد الأضخم على مستوى شركات الشرق الأوسط.. وبالرغم من تقادم عقد الصفقة إلا أنها ما زالت حديثا دسماً على طاولات المحللين والمراقبين في الداخل والخارج على حد سواء، وبالأخص تزامناً مع إعلانات النتائج المالية للربع السابق من عام 2008م وكذلك الربع الأول من عام 2009م. أظهرت النتائج المالية لشركة سابك، أكبر شركة في الخليج من حيث القيمة السوقية للأسهم، تراجعاً حاداً في أرباح الشركة للربع الرابع من عام 2008م حيث بلغت 311 مليون ريال متراجعة بنحو 95% عن الربع الرابع من العام الماضي 2007 والذي كانت قد حققت فيه 6.87 مليار ريال، وبانخفاض 96% عن الربع الثالث من عام 2008 والذي حققت فيه الشركة أرباحاً بلغت 7.24 مليار ريال. واذا كانت تراجعات أرباح سابك للربع الرابع من العام الماضي أكبر كثيراً من أسوأ التوقعات التي كانت تلوح بالأفق حول أرباح شركة سابك، ماذا يمكن أن نقول عن الخسائر الصافية التي حققتها في الربع الأول من العام الحالي 2009م التي قُدرت ب 974 مليون ريال؟.. مع العلم أن التصريحات التي سبقت الإعلان كانت مطمئنة وتسببت في ارتفاع سعر سهم سابك ومن ثم المؤشر!.. ولقد كانت هذه النتائج السيئة لم تخطر ببال أشد المتشائمين الذين كانوا يتوقعون وبكل ثقة أن النتائج مهما كانت سيئة فإنها ستكون أحسن وبكثير من نتائج الربع الرابع من العام الماضي ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.. حيث توقعت هيرمس أن تسجل سابك أرباحاً للربع الأول بمقدار 527 مليون ريال، بينما توقعت نومورا للأوراق المالية أن تحقق الشركة أرباحاً قدرها 1283 مليون ريال، في حين كان بعض المحللين قد توقعوا أن تحقق سابك أرباحاً صافية تبلغ في المتوسط 1.2 مليون ريال.. وأرجعت الشركة الانخفاض الحاد في نتائج الربع الرابع من عام 2008م والخسائر في الربع الأول من العام الحالي بصورةٍ عامة إلى الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها.. والمستثمر في شركة سابك يعي جيداً أن الأزمة المالية العالمية أثرت سلبياً على منتجات شركة سابك وغيرها من الشركات البتروكيماوية من عدة نواحٍ منها: 1- تسببت الأزمة المالية العالمية بحدوث الركود الاقتصادي العالمي وما نتج عنه من تراجع الطلب على المنتجات البتروكيماوية، والمعادن وغيرها. 2- نتج عن الأزمة المالية العالمية أزمة الائتمان العالمي التي أدت إلى صعوبة حصول المستهلكين على التسهيلات المالية اللازمة من البنوك والمؤسسات المالية، الأمر الذي أدى إلى تسارع وتيرة هبوط أسعار المنتجات البتروكيماوية. 3- كذلك الأزمة المالية العالمية أثرت على قطاع صناعة السيارات وقطاع التشييد والبناء فكان له تأثير قوي على انحسار الطلب على المنتجات البتروكيماوية خصوصاً البلاستيكيات المتخصصة، وهذا له تأثير سلبي على أداء شركات سابك الخارجية. ولكن هل هذه المبررات كافية لانخفاض أرباح سابك في الربع الرابع من العام المنصرم وتحقيق خسائر للربع الحالي.!! ناهيك عن أن مبررات انخفاض أرباح سابك لم تذكر أنها تضمنت إطفاء الشهرة لقطاع الصناعات البلاستيكية (نسبة تآكل قيمة الشهرة) خلال نتائج الربع الرابع للعام المنصرم، أما في الربع الأول من 2009م فأشارت الشركة إلى أن صافي الخسارة يعود لتسجيل انخفاض في قيمة الشهرة بمبلغ 1.181 مليار ريال.. مع العلم أنه قد قُدر للصفقة مبلغ 14 مليار ريال كقيمة شهرة. ولنا أن نتساءل: 1- إذا كانت أسعار البتروكيماويات في ديسمبر من العام الماضي قد وصلت إلى القاع، فإنها تحسنت كثيراً في الربع الأول من عام 2009م، فأين تأثير هذا التحسن على نتائج الربع الأول؟ 2- شركات البتروكيماويات في الخليج حققت أرباحاً جيدة بالرغم من تداعيات الأزمة العالمية، مع أن شركة سابك هي الأكبر وهي الأقدرعلى التأقلم مع تبعات الأزمة العالمية!. 3- أين الآثار الإيجابية للدعم الذي تحظى به سابك خصوصاً دعم أسعار اللقيم؟ 4- لماذا الاستثمارات الخارجية لسابك لم تحقق أي أثر إيجابي حقيقي على الشركة؟ 5- لماذا الأرباح التشغيلية للشركة في الربع الأول تنحدر بمقدار97% مقارنة بالربع المماثل من العام الماضي.. ويُعتبر هذا الانخفاض الشديد مفاجئاً أكثر من شطب الشهرة لوحدة البلاستيك بجنرال إليكتريك. 6- ليس هذا فحسب، بل إن تصريح رئيس سابك السابق قبل الإعلان للنتائج الذي كان مطمئناً ومتفائلاً أحدث ارتفاعاً كبيراً بسعر سهم الشركة وبالسوق ككل، وتسبب في تغيير شعاع لتوقعاتها لسابك من خسائر إلى أرباح، أليس يُعتبر ذلك تضليلاً للمستثمرين ومخالفاً لقواعد الإفصاح والشفافية التي تؤكد عليها هيئة سوق المال؟!! 7- لقد حدث تسرب لنتائج سابك قبل إعلانها وتسبب في هبوط السوق ب 216 نقطة تقريباً، فمن المسؤول عن هذا التسرب؟ 8- أين الإنفاق على الأبحاث؟ ولماذا لم يستفد منها في التوقعات المستقبلية لدراسة الطلب المستقبلي؟ ولا سيما أن الأزمة المالية العالمية لم تكن وليدة اللحظة بل إن جذور الأزمة المالية لم تكن جديدة. 9- لماذا الخطط التوسُعية، وإنشاء شركتي كيان وينساب مع عدم القدرة على استشراف المستقبل؟ 10- أين الخطط الإستراتيجية؟ أين المزايا النسبية التي تملكها الشركة؟ أين الدعم الحكومي ومزايا التكلفة المنخفضة للمواد الأولية؟ إن إطفاء الشهرة لوحدة البلاستيك بجنرال إليكتريك قد تستمر في النتائج اللاحقة ولا سيما أن مبلغ الشهرة قد قدر ب14 مليار ريال. كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية - جامعة الإمام