في مشهد موسمي معتاد تتهيأ قوافل التعليم للانطلاق من جديد,, تحتفي برواد المعرفة,, وتستبشر بأهل الطلب الموسوم بالشرف,, في حضورهم المبهج,, تماماً في الموعد,, نقطة بدء الرحلة المباركة: تحفّز جميل محفوف بالعزيمة والهمة ومشوب بمشاعر اللهفة والشوق إلى الفضاء العابق برائحة المعارف الندية,, وقد استبد الحنين بالجميع إلى دور المعلم و بيوت الحكمة ولم تزل تلك المدارس تتزين احتفاءً بالقدوم الجديد,, فمرحى للعابرين إلى جزر التعليم يحملون حقائبهم المدرسية المسكونة بمشاعرهم المتوهجة والمفعمة بأوراق كفاحهم ومذكرات عطائهم المتدفق . أجل,, نزوح عذب بين تضاريس المعرفة,, وسفر ماتع بين ديار الطلب,, وارتحال مثمر في دوائر التربية الصالحة,. سَلُوا آل التدريس عن مسافات الكفاح,, عن حكايات الصباح,, عن بطاقات النجاح,, سلوهم,, عن دروبٍ ذرعوها,, عن علومٍ رصدوها,, وفنونٍ جمعوها,, وقلوبٍ سكنوها,, ودعوهم يحدثونكم عن شرف الرسالة وعظم الأمانة,. وهاهم يستهلون المشوار,, وقد رسموا الاطار ,, وحملوا الشعار,, وشرعوا في تعبئة مداد العطاء وفي ايديهم بذور العلم و خرائط المعرفة و وثائق التحصيل عبر إيقاع مكتظ بفواصل الانتماء للرسالة الجليلة,. لقد ادرك كل من المعلم والمعلمة أن التدريس غرس مبادئ,, تكوين قيم,, بناء شخصية وتغذية عقول,, وهو توجيه سلوك, وتنمية مهارات وارتقاء بالقدرات,, وتلك دوائر مضيئة يستمد منها الميدان المدرسي حضوره وفاعليته,. ومازال المعلم والمعلمة يقفان بشموخ فوق ارضية صلبة يقومان بأعباء المهنة الشريفة ويتجاوبان مع النماذج المطروحة في المناخ المدرسي من طرق تدريس وسبل اعداد ووسائل تقويم,, وكل منهما اعتاد على تجديد حماسه وتطوير ادواته التربوية والنهوض بأدائه الفني منصتاً لأصداء المستجدات التعليمية بأطرها المتنوعة والتي تنبجس من عمق تربوي مبارك ذي خصوصية معرفية اصيلة,. عذراً أيها المعلم الكريم,, أيتها المعلمة الفاضلة ها انتما تقفان امام بوابة الميدان وكل منكما قادم ومعه الف شمعة تضاء,, والف دائرة عطاء,, يحمل ريشة المعرفة,, شموع العلم,, قيم التربية,, قناديل الثقافة,. وليس ثمة حرج في قراءة عابرة لفضاء آل التدريس محاولين رصد هواجسهم وملامسة تساؤلاتهم,, وسنجد قضيتين طالما ثار حولهما النقاش واستحوذا بالاهتمام . الاولى:مراعاة التخصص عند اسناد المادة للمعلم او المعلمة وحقاً أعط القوس باريها فالنقص ليس مسوّغاً لأن توكل المادة الى غير متخصص,, وربما أجبر على ذلك بالرغم من عدم مقدرته على استيعاب المعلومات وإيصالها للطلاب أو الطالبات,, فليست المسألة استكمال نصاب واستيفاء حصص,, فهناك مواد عائمة يتنوع تخصّص معلميها ومعلماتها كمادة المكتبة ومادة علم النفس والاجتماع!! ويدخل في ذلك تدريس الصفوف الأولية في مدارس البنين والبنات الابتدائية والتي جذبت كثيراً من المعلمين والمعلمات رغبة في المميزات بعد ان كانوا يتهربون من تدريس تلك الصفوف سابقاً بدأ يثور حولها تنافس وجدل ولابد من صياغة ضوابط منصفة لتعطى لصاحب الكفاءة,, اعود واقول لابد من مراعاة عنصر التمكّن والقدرة على الإفادة والإجادة,, فقد ذهب وقت المعلم الطارئ أو معلم الضرورة وكذا المعلمة. القضية الثانية: بنظرة متأنية للواقع المدرسي سنجد تفاوت انصبة المعلمين والمعلمات بين المدارس حتى في التخصص الواحد,, فمنهم المضغوط تحت مظلة ركام من الحصص ومنهم المسترخي واخص معشر المعلمات اللاتي تتجلى تلك النقطة في جداولهن المدرسية,, فالتخصص متفق وتلك معها عشرون حصة والاخرى اربع حصص لاغير!! بالرغم من عدم وجود ندب في المدرستين في هذا التخصص,, هل المسألة تعتمد على الحظ أم الصدفة؟! أم ماذا؟ وكم هو رائع أن يظهر مبدأ التنسيق وتكافؤ الفرص عبر رؤية موضوعية ذات ضوابط متوازية تحقق للجداول المدرسية عنصر الاستقرار والانتظام والإنصاف,, ويمكن للإشراف التربوي في إدارات تعليم البنين والبنات ان يمارس دوراً فاعلاً في توزيع آل التدريس وقراءة انصبتهم قراءة واعية وعادلة,, وحقاً لابد من صياغة ضوابط ووضع معايير وتطبيق أسس,. واعتقد ان هاتين القضيتين تشغلان بال شريحة واسعة من المعلمين والمعلمات وهم دون شك يثمنون ماتجده اصواتهم من صدى طيب لدى وزارة المعارف ورئاسة تعليم البنات. محمد بن عبدالعزيز الموسى بريدة