** أحببت فلسطين وأشجار الزيتون ورائحة البرتقال.. واستدخلتها في نسيج لغتي حتى التأمت عليها.. تعلمت اللغة الرطبة.. الندية.. من قصائد محمود درويش وكنت بعد تلميذة على مقاعد الدرس.. تجلجل المنابر حولي بالويل والثبور على الشعراء وعلى كل من استحدث أمرا جديدا على عمود الشعر واللغة.. ولم يكن يعنيني شكل الشعر إنني مأخوذة باللغة.. ** اختفت قصائد درويش.. لسنوات.. وغاب عنا صوت مارسيل خليفة.. وعلا الصوت الرافض.. حين تجدني إحدى زميلات الدراسة الجامعية أقرأ درويش تهديني.. في اليوم الثاني ديوان عبدالرحمن العشماوي وتكتب عليه إهداء أهديك ما هو خير لتستبدليه بما هو أدنى!! ** تحول درويش إلى ذكرى عذبة.. قراءته تحتاج إلى طقوس.. واختفاء.. ** الجيل الذي قبلنا أفضل منا بكثير.. والجيل الذي بعدنا أفضل منا بكثير.. نحن الذين تفتحت عقولنا وبدأ نهم القراءة لدينا نهاية الثمانينيات وأول التسعينيات الميلادية.. قلمت رغباتنا في القراءة الحرة.. والاطلاع الحر.. .. رويدا.. رويدا تفاجأ بأنك تترك ريشك الحالم القديم.. وتستعير ريشاً جديدا.. تمضي فيه.. لعلك تطير ولا تطير.. ** كنت أستمع في معارض الكتب التي أزورها في بداية التسعينيات الميلادية إلى أصوات مجلجلة تلعن كل من يقرأ ما ليس بصحوي!! ** حين مات درويش.. استيقظ جرحي القديم.. كان ريشي الحالم قد عاد لي بعد سنوات.. لكنني كنت قد غادرت مرحلة الحلم والتشكل الجديد.. كنت قد تقولبت وأصبح سقف التحليق الذي أقدر عليه صغيرا ومتدنيا.. ** محمود درويش أحالني إلى حقيبة سفر وسط الأحياء الصغيرة في المدينة الصحراوية الصغيرة أحببت كروم العنب وأشجار البرتقال وكتبت وكأنما أنا واحدة من اللاتي يتحزمن بالقنابل ويهدين شبابهن للأرض.. من أجل أن يحظين بانسكاب دم جنود إسرائيل.. ** محمود درويش.. نذر شعره لفلسطين سافر بنا نحو القدس وجعلنا نصلي هناك ظهر كل جمعة.. ** محمود درويش.. هو جرح لذيذ في ذاكرة قلبي.. حيث الحلم المخبوء الذي يتوق للتمرد.. وتهزمه الأيدلوجيات وتسلبه حتى رغبة الحلم ومحادثة الطيور حول الشبابيك.. هذا الجرح.. الذي استيقظ سيفيض يوما ولا شك.. وحينها سأهدي ذاك الفيض إلى روح محمود درويش وحده.. لا غير!! [email protected]