اودى العنف اليميني المتطرف الذي يندلع من آن لاخر في المانيا بحياة 30 شخصا خلال الاعوام العشرة الماضية رغم جهود استمرت نصف قرن لمحو وصمة النازية. فمنذ انهيار الحكومة الشيوعية قبل عشر سنوات تركزت الاعمال التي تتسم بالعنصرية خاصة فيما يتعلق بطرد الاجانب على الشطر الشرقي من المانيا وبخاصة في بلدة ايبرزفالده. وتعرف البلدة التي تقع على مسافة 100 كيلومتر شمالي برلين وتعتمد على صناعة الصلب وتعبئة اللحوم بانها معقل قوي لليمينيين المتطرفين منذ شهدت مقتل اول اجنبي في اعمال عنصرية منذ توحيد المانيا. فقد لاحق حشد من نحو 40 يمينيا متطرفا لاجئا صوماليا في وسط البلدة في نوفمبر - تشرين الثاني عام 1990 واوسعوه ضربا وركلا كلما طالته ايديهم ولم يتدخل احد لانقاذه ومات انطونيو اماديو (28 عاما) بعد 11 يوما. كان اسلوبا مروعا في القتل اتبعه بعد ذلك النازيون الجدد في عشرات من الهجمات المماثلة على الاجانب في مختلف ارجاء المانيا. واودت العنصرية بحياة شخص اخر في ايبرزفالده قبل شهرين فقط عندما قتل احد النازيين الجدد نشطا في مجال مكافحة العنصرية يبلغ من العمر 23 عاما بدفعه امام سيارة. ويريد اليمينيون في ايبرزفالده تحرير بلدتهم من الاجانب، ويتناقص عدد سكان البلدة البالغ 47 الف نسمة ويبلغ معدل البطالة فيها 20 في المائة. ويواصل اليمينيون عنفهم رغم تزايد ضغوط الشرطة ودمروا في الفترة الاخيرة نصبا تذكاريا لاماديو واحرقوا في وقت سابق هذا العام مركزا ثقافيا افريقيا. وحتى الشرطة تقر بان هناك عنصريين بين صفوفها فقد ادين اربعة ضباط في عام 1988 بضرب اربعة فيتناميين اعتقلوا بتهمة تهريب سجائر. وقالت اوته ليتشينرينج رئيسة شرطة البلدة المشكلة الحقيقية في المناخ السائد بين السكان بشكل عام واضافت المشكلة ان هناك ميولا عنصرية كامنة بين قطاعات كبيرة من السكان وهذا نتيجة الاسلوب الذي اتبعه النظام الشيوعي في اغلاق المجتمع عن العالم الخارجي . واظهرت دراسة اشارت اليها في حديثها الى ان 40 في المائة من سكان الشطر الشرقي من المانيا يؤيدون معنويا الأعمال العدائية التي يقوم بها اليمينيون المتطرفون ضد الاجانب. واضافت في حديث للاسف يتعاطف كثيرون مع ما يفعله اليمينيون,, انهم محبطون ويخشون ان يستولي الاجانب على فرص عملهم ويحملون على من يبدون ضعافا من الاجانب . ورغم ان الاحداث المسجلة لاعمال العنف العنصرية في المانيا تراجعت بدرجة كبيرة بالمقارنة بفترة ما بعد الوحدة في اكتوبر - تشرين الاول عام 1990 مباشرة فقد تجدد الحديث عن المسألة بعد تفجير مازالت تفاصيله غامضة حتى الان ادى الى اصابة بضعة مهاجرين يهود في مدينة دوسلدورف الغربية الاسبوع الماضي. ويقول مسؤولون اتحاديون ان اكثر من 30 شخصا قتلوا في اعمال عنف عنصرية خلال الاعوام العشرة الماضية ولكن مؤسسة انتونيا اماديو التي سميت على اسم اول ضحية تقول ان 100 قتلوا في اعمال مناهضة للاجانب. وحذر مسؤولون عن الامن الداخلي من ان اليمين المتشدد الذي يضم بين صفوفه نحو 50 الف شخص وفق احصاءات حكومية اصبح اكثر تسليحا وعنفا. وابلغ احد النازيين الجدد لم يذكر اسمه التلفزيون الالماني نريد ان تعود ألمانيا بيضاء تماما مرة اخرى نريد ان يخرج الاجانب منها . ويمثل الاجانب نحو عشرة في المائة من سكان المانيا البالغ عددهم 82 مليون نسمة ويمثل الاجانب في ايبرزفالده 0,4 في المائة فقط من عدد السكان. وقال احد النازيين الجدد رفض نشر اسمه لم يعد لدينا مشكلة اجانب اذ لم يبق الكثير منهم هنا وعندما سئل عن سبب ذلك قال ساخرا اعتقد ان الحال لم يعجبهم هنا . لكن المائتي اجنبي المتبقين في البلدة يزعجون نوربرت نيست وهو عاطل يبلغ من العمر 20 عاما وقال مازال الكثير من الاجانب موجودين هنا وقال صديقه اندرياس نست ستقل مشاكلنا في ألمانيا اذا رحلوا . وقال عبدالرحمن داس (37 عاما) وهو لاجئ كردي من تركيا انه يعيش مع اسرته في خوف دائم في مركز للاجئين خارج ايبرزفالده منذ ان اطلق شخص رصاصتين على المبنى قبل ستة اشهر. وتابع كلنا خائفون هنا ليس فقط من اليمينيين المتشددين بل من كل سكان المانياالشرقية تعبيرات وجوههم تقول (اخرجوا من هنا) انهم لا يحبون الاجانب هنا . وقال رئيس الشرطة في ايبرزفالده ان ضغوط الشرطة المتزايدة على اليمينيين في الاعوام القليلة الماضية ادت الى دفعهم لاطراف البلدة, لم يعد بامكانهم تنظيم مسيرات في وسط البلدة لكن مازال يمكن رؤية النازيين الجدد برؤوسهم الحليقة ونظراتهم الجامدة في كل مكان.