أعطت وزارة العدل الأمريكية شركة ماكيروسوفت مهلة ثلاثة اشهر للتفكير في كيفية تقسيم الشركة إلى شركتين منفصلتين: شركة خاصة بالبرامج التشغيلية وشركة خاصة بالبرامج التطبيقية, صدر هذا الحكم بعد سنوات من الأخذ والرد في قضية مكافحة الاحتكار المرفوعة ضد شركة ماكيروسوفت العملاقة والتي تعد أكبر شركة برمجيات في العالم، وهذا الحكم يذكرنا بحكم مماثل بحق شركة AT and T في بداية الثمانينيات عندما صدر بحقها حكم بالتقسيم وذلك لنفس السبب وهو مكافحة الاحتكار. وقبل الاسترسال في هذا الموضوع وبغض النظر عما يؤول إليه مصير ماكيروسوفت لابد من تقرير شيء مهم وهو الاعتراف لهذه الشركة العملاقة بالفضل في نشر تقنية المعلومات وجعل التقنية في متناول الإنسان العادي بعدما ظلت (تقنية المعلومات) ولسنين عديدة متقوقعة في برجها العاجي محاطة بهالة من الأهمية وإنها الحصان الجامح الذي لن يستطيع ترويضه إلا من أعطاه الله مسحة من الذكاء ودرجة في العلم, كان ذلك وضع تقنية المعلومات قبل مجيء تقنية GUI)Graphical User Interfaces(، تقنية الاعتماد على الرسومات البيانية والأيقونات والقوائم بدلاً من النصوص البحته، هذه التقنية التي تعد طفرة في مجال البرمجيات الحاسوبية والتي جعلت استخدامات هذه الآلة العجيبة في متناول الجميع، بدءاً من أطفال ما قبل سن التعليم وحتى العلماء في معاملهم ومختبراتهم, وبصرف النظر عمن كانت له الريادة في تطوير هذه التقنية فإنه مما لا شك فيه إن الفضل يعود لله قبل كل شيء ثم لشركة ماكيروسوفت وبرنامجها التشغيلي الشهير النوافذ بإصداراته المختلفة ومن ثم البرامج التطبيقية التي طورت لتعمل تحته، وهذه البرامج مبنية على تقنية الGUI. والآن نعود إلى موضوعنا الأساسي وهل بدأ العد التنازلي لشركة ماكيروسوفت خاصة بعدما قررت وزارة العدل الامريكية تفتيتها إلى شركات؟ وهل برنامج النوافذ سوف يستمر في النمو الذي كان عليه في السابق؟ أم ان هناك عقبات ستحد من ذلك النمو؟ للجواب على هذه التساؤلات يجب الاعتراف بأن عام 2000 قد يكون هو أسوأ عام مر على هذه الشركة وقد يكون هذا العام هو بداية النزول عن القمة والتي ظلت ماكيروسوفت متربعة عليها لسنين مضت, فبخصوص برنامج النوافذ الشهير والذي بنت ماكيروسوفت على أكتافه مجدها وشهرتها نرى في السنوات الأخيرة مزاحمة المنافسين على كعكة سوق البرامج التشغيلية الحاسوبية وبدأنا نرى تناقص نصيب برنامج النوافذ من تلك الكعكة ويأتي على رأس البرامج المنافسة برنامج لينوكس الآتي إلى سوق البرامج الحاسوبية خاصة للحاسبات الصغيرة ومنصات العمال الصغيرة بقوة, إلا إنني أتوقع استمرار هذا البرنامج في المنافسة على نصيب الأسد في سوق البرامج التشغيلية ولسنوات عديدة وذلك لسبب انفتاح شركة ماكيروسوفت عالمياً والديناميكية في التطوير المستمر لهذا البرنامج وللبرامج التطبيقية الأخرى، إن التجديد والتطور المستمر هو سر الحياة والاستمرارية لبرامج شركة ماكيروسوفت، ولا أظن إلا الاستمرارية في ذلك النهج في المستقبل, أما بخصوص شركة ماكيروسوفت فلا أعتقد ان التقسيم لو حصل سيقضي عليها وربما أدى التقسيم إلى خروج أكثر من ماكيروسوفت كما عرفناها، وفي السنوات المقبلة ستتضح الرؤية ومع كل ما قد يحصل فأن اسم ماكيروسوفت سيظل منقوشاً بماء الذهب في سفر تقنية المعلومات على طول الزمن.