يعتبر التحالف غير المعلن بين شركة "آي بي إم" الأمريكية العملاقة لتصنيع أجهزة الحاسوب، ومطوري نظام التشغيل الحاسوبي المعروف باسم "لاينكس"، أخطر تحدٍ يواجه شركة "مايكروسوفت" العالمية، التي تحتكر منذ نحو عقدين من الزمان نظم التشغيل الحاسوبي حول العالم والمعروفة باسم "ويندوز". مخاوف ويقول المراقبون، إن منتجات تقنيات المعلومات، التي غزت العالم بسرعة فائقة، وأصبحت جزءاً رئيساً في مكونات الاقتصاد العالمي الجديد، تم إخضاعها لنظم الاحتكار بسرعة فاقت الاحتكار الذي تعرضت له أي صناعة في العالم، وتم تفعيل قوانين الملكية الفكرية التي وضعت قبل عقود من الزمان، لخدمة هذا الاحتكار، الذي صب في النهاية لصالح الدول المتقدمة التي تنتج هذه التقنيات. كسر الاحتكار وتعتمد عشرات الملايين أجهزة الحاسوب في العالم، على نظام "مايكروسوفت ويندوز" في تشغيل كافة برمجياتها، وظلت شركات تطوير البرمجيات طوال العقدين الماضيين، تطور برامجها على أساس توافقها مع "ويندوز"، مما ساهم في ضم المساهمين الرئيسين في الشركة المنتجة له إلى قائمة أغنياء العالم. وحاولت العديد من الشركات طوال الفترة الماضية العمل على كسر هذا الاحتكار، وطرح أنظمة تشغيل منافسة، إلا أن هذه المحاولات أخفقت في معظمها، باستثناء تلك المحاولة التي طرح فيها نظام "يونكس"، حيث ظل مطوره "يحاربون" العملاق "ويندوز" حتى استطاعوا أن يصبحوا رقما، وان كان صغيرا. يونيكس ولاينكس وتطور نظام "يونكس" حتى طرح مرة أخرى باسم جديد هو "لاينكس" وتم توفيره مجانا على شبكة الإنترنت، حيث يتاح لمن يريد اقتناءه وتحميله من الشبكة الدولية دون أي تكاليف، إلا أن التحدي الذي واجه الراغبين في استخدام هذا النظام، هو عدم اهتمام مطوري البرمجيات ومنتجيها بتصميم منتجات تتوافق مع هذا النظام، وظل اهتمامهم موجه نحو "ويندوز". إلا أن مطوري "لاينكس" يقولون إن نظامهم خلال السنوات الخمس الماضية تحول من مجرد موضوع تقني يتم طرحه في الأكاديميات أو دوائر الحواسيب والعلوم ليصبح أكبر نظام تشغيل يشهد نموا سريعا لخدمة الحكومات والشركات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة. تعديل التطبيقات وقد تم التأكيد على أهمية هذا الموضوع بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط خلال سلسلة الندوات التي استضافتها "آي.بي.أم" والتي انتهت في دبي بعد زيارة لكل من سلطنة عمان والبحرين والكويت وهي الندوة التي حضرها جمهور كبير من المهتمين وناقشوا عددا من القضايا حول تبني برمجيات المصادر المفتوحة وتعديل التطبيقات المحلية للّغة العربية. ودعا روب لامب مدير المبيعات العالمية ل "لاينكس"، الشركات العربية إلى البدء في تطوير برمجياتها محليا بدلا من تطويرها في مكان آخر، وكان يشير لامب إلى أن اعتماد الشركات العربية على البرمجيات التي تتطور لتتناسب مع نظم "ويندوز" سيساهم في منح هذه الشركات المرونة الضرورية لتسريع اندماج المنتجات والتقنيات المعتمدة على القيمة وليس على قيود الملكية من خلال المعايير المفتوحة. وقال لامب ان نظام "لاينكس" الذي يعتمد مصادر مفتوحة في التطوير، سيسمح للمطورين والمهندسين في المنطقة لتعديلها بما يتناسب واحتياجاتهم وبالتالي تطوير تكنولوجيا جديدة يمكن تقاسمها مع بقية العالم من خلال مجتمع المصادر المفتوحة. قيود على التطوير يشار إلى أن نظم "ويندوز" التي يعتمد حاليا عليها في دول المنطقة، تخضع لقوانين مغلقة في التطوير، محاطة بقوانين ملكية فكرية صارمة، مما يعني أن أي برنامج حاسوبي سيتم تطويره يجب أن يخضع بدقة لقوانين نظام "ويندوز" مما يشكل قيودا على تطوير البرمجيات العربية، ويجعلها تواجه اشكاليات تقنية متعددة. وقال بشار كيلاني، أحد المسؤولين الإقليميين في "آي بي إم"، ان شركته رصدت عملية توجه كبيرة نحو نظام التشغيل "لاينكس"، وأشار إلى أن أحد أكبر أجهزة الحاسوب في العالم، والموجود في السعودية يعمل حاليا على نظام "لاينكس"، وأضاف أن عملاء آخرين ل "آي بي إم" في القطاع المصرفي العربي بدأوا بالتوجه نحو النظام المذكور. وأضاف كيلاني يقول إنه وفي ظل الاقتصاد العالمي الجديد حيث يمكن أن تحتل المنطقة موقعها كلاعب أساسي، تأتي المصادر المفتوحة لتقلل من الاعتماد على مزود برمجيات محدد وتفتح الباب لصناعة تطوير البرمجيات المحلية. النظام الجديد وكانت شركة "آي بي إم" أكدت قبل نحو عامين، التزامها نحو "لاينكس"، حيث تم حتى الآن تطوير أكثر من 200 برنامج حاسوبي من برمجيات "آي بي إم" يتم تشغيله عن طريق نظام "لاينكس". وتعتبر محاولات نشر نظام التشغيل "لاينكس" بالتحالف بين عدد من عمالقة صناعة تقنيات المعلومات، أول المحاولات الجادة والكبرى لنشر نظام تشغيل جديد، يقول المراقبون انه سيساهم بصورة فاعلة في كسر الاحتكارات التي تسببت في رفع قيمة منتجات تقنيات المعلومات طوال السنوات الماضية، مما سيساهم في تقليل الفجوة الرقمية بين أغنياء العالم وفقرائه. وتشير ورقة حقائق وزعتها "آي بي إم" الى أن نحو 23 بالمائة من مطوري البرمجيات في العالم، يعدون حاليا تطبيقات تتناسب مع نظام "لاينكس"، كما نشرت الورقة نتيجة استطلاع للرأي، تبين احد بنوده أن 48 بالمائة من أفراد العينة قالوا انهم بالتأكيد أو غالبا يستخدمون تطبيقات "لاينكس" في عام 2003 الحالي.