الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين وبعد فإن من صفات المؤمن سلامة الصدر من الغل والحقد والحسد والشحناء والبغضاء ولقد جاءت النصوص في كتاب الله تعالى وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم تؤكد هذا المعنى وتدل عليه يقول المولى جل وعلا في محكم تنزيله في معرض الثناء على المهاجرين والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم وذكر جل وعلا ان من صفات أهل الجنة سلامة قلوبهم من الغل فقال جل وعلا: والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها أولئك اصحاب الجنة هم فيها خالدون ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله,, الآية . ولقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة من حياته في المجتمع المدني ان يزرع في نفوس أصحابه سلامة الصدر والبعد عن كل ما يعكر نفوس المؤمنين ويملأ قلوبهم أحقادا وضغائن ففي بداية مقدمه صلى الله عليه وسلم الى المدينة بدأ بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ثم انه صلى الله عليه وسلم كلما سمع بوجود خلاف بين اصحابه خرج اليهم معاتبا وقائلا: ابدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟ وأخبر صلى الله عليه وسلم وهو جالس بين اصحابه برجل يخرج عليهم انه من أهل الجنة ثلاثة ايام متتالية ولما تبعه عبدالله بن عمرو ليعرف أهم اعماله الصالحة التي اوصلته الى هذه المنزلة لم يجد انه كثير صلاة ولا صيام فأخبره بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة وسأله عن عمله الذي أوصله الى هذه المنزلة قال: ما غربت شمس يوم وفي قلبي غل على مسلم, وفي حديث آخر أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان أعمال العباد تعرض على الله يومي الاثنين والخميس ما عدا رجلين بينهما شحناء فيقول الله جل وعلا أنظروا هذين حتى يصطلحا بل وللحد من الشحناء والبغضاء بين المؤمنين حدد صلى الله عليه وسلم الوقت الزمني الذي لا يجوز للمؤمن ان يتجاوزه في هجرانه لأخيه المسلم فقال صلى الله عليه وسلم : (لا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر ان يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام فشهد صلى الله عليه وسلم بالخيرية لمن يبادر بإزالة ما علق بالنفس من غل وبغضاء وبعد هذه النصوص التي أمرنا بالعمل بها والتمسك بها دعونا ننظر في أحوالنا أعرف العديد من الاخوة قد تعاهدوا ألا يكلم بعضهم بعضا أبدا. أقول ان احوال المسلمين في كل اصقاع الأرض ليؤسف لها كثيرا فلقد حدثني أحد الاخوة ان الخلاف والشحناء بين الجماعات الإسلامية في الولاياتالمتحدة لا يكاد يصدق حتى بلغ تدخل الشرطة والمؤسسات الأخرى لمحاولة الاصلاح والسبب في هذا الخلاف الحرص على الإمارة والتنافس الدنيوي وهذا وأقولها بأسف شديد هو حال المسلمين في كثير من أرجاء المعمورة وسبب ذلك البعد عن الكتاب والسنة والتنافس على الدنيا المقيتة وهذا مما لا شك فيه من مطالب الشيطان فهو الذي حمل لواء الحقد والحسد حتى اخرج أبانا آدم عليه السلام من الجنة ثم هو مطلب أيضا لأعداء الإسلام ليصلوا بذلك الى اضعاف المسلمين وعدم اتحادهم لعلمهم اليقيني ان اتحاد المسلمين يعني هيمنتهم على الأمم كما هو حال السلف الصالح, والله تعالى المسؤول ان يؤلف بين قلوب عباده وان يصلح ذات بينهم انه سميع مجيب, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. *عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية