أدار الندوة - سعد خليف -متابعة - عبدالله القشيري - هيفاء القريشي رغم ما يشهده قطاع الاقتصاد والحراك الثقافي والاجتماعي من تطور إلا أن الكثير يتفق على أن مخرجات التعليم في المملكة متواضعة ولا سيما أن كثيراً من أصحاب الشهادات لا يملكون سوى شهادات نظرية يقال: إن فرص العمل فيها ضعيفة، فالأرقام تشير إلى أن نحو 90% من الخريجين لا يملكون أي مهنة ولا يتقنون لغة التفاهم العالمية (الإنجليزية) عدا افتقارهم لمهارات التفكير والبحث.. في المقابل نجد تحدياً آخر يكمن في (القطاع الخاص) واتهام الكثيرين له بالعزوف عن دعم مسيرة الطالب وتحديد المجالات التي يرغبون شغلها منذ المراحل الأولى لدراستهم.. (الجزيرة) عقدت ندوة استضافت فيها عدداً من المسؤولين في قطاع التعليم والتربويين ورجال الأعمال إضافة إلى الطلاب والطالبات المعنيين في هذه الندوة.. مسؤولية مشتركة.. بدأت الندوة باستعراض ما قدمه قطاع التعليم للطلاب والطالبات من دعم لمسيرتهم التعليمية سواء داخل المملكة أو خارجها، إضافة إلى دور القطاع الخاص في تلبية توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله التي تدعو إلى تطوير الطلاب وتهيئتهم مهنياً.. فالأستاذ سالم الطويرقي مدير إدارة التوجيه والإرشاد بإدارة تعليم منطقة مكةالمكرمة كان أول المتحدثين حيث تمنى أن تخرج ندوة (الجزيرة) بأفكار وتوصيات تزيد من دعم المسيرة التعليمية.. وقال: وزارة التربية والتعليم عليها مسؤوليات كبيرة في سبيل إعداد الجيل، وهذا يتطلب كثيرا من البرامج والمزيد من الميزانيات وجميع هذه الخدمات والبرامج وغيرها هي جزء من ميزانية الوزارة ومن مسؤولياتها ويضيف.. لا يمكن أن نقول: كل ما يهم الطالب متوفر، ولا بد أن نصل إلى قناعة بأن وزارة التربية والتعليم هي المسؤولة عن كل ما تقدمه، ونحن على قناعة أيضاً بأن المدرسة مؤسسة اجتماعية تهتم بأبنائنا.. ويستدرك الطويرقي بقوله: لكن عندما نقول: إن كل شيء هو مسؤولية المدرسة أو المؤسسة التعليمية، فإننا نكون قد أخلينا مسؤوليتنا كمجتمع وألقينا بالكرة في مرمى وزارة التربية والتعليم.. ويؤكد بالتالي على أن القطاع الخاص جزء من المجتمع، وأنه يجب عليه دعم جميع البرامج في المؤسسة التعليمية سواء دعم الخدمات أو من خلال ما يقدم من دراسات ودعم مادي أو معنوي.. واقع الدعم الأستاذ عبدالعزيز محمد الغامدي رئيس قسم النشاط الاجتماعي بتعليم جدة طلب المداخلة وقال: أتمنى أن تسهم الندوة في حث القطاع الخاص على مواصلة ما يقدمه للمجتمع وتحويل جزء منه للطالب الذي بلا شك سينعكس على المصلحة العامة سواء كان على الوطن أو على الشركة نفسها التي ستقوم بإعداد جيل مهيأ للعمل لديها في المستقبل..ويضيف: أعتقد بأننا لو حسبنا نسبة دعم القطاع الخاص لمسيرة التعليم فإنها لن تتجاوز ال10% بكل الاحتمالات رغم أن الواقع يقول: إن أي دعم يقدمه القطاع الخاص للطالب سينعكس على القطاع إيجاباً خاصة فيما يتعلق بالشح في الكوادر المهنية.. ويواصل الغامدي حديثه بالقول: لا نزال نعاني من عقدة (الطالب الفاشل دراسيا يصبح مستقبلاً فاشلاً أيضاً في حياته)!! ويؤكد أن هذه نظرة دونية، وأنه بتشجيعهم ودعمهم وتطويرهم سيتوجون في المنصات العالمية.. ويعيد القول من جديد بأن دعم القطاع الخاص محدود، وأن معظم الدعم الذي تتقدم به الشركات يكون دعماً غير مدروس أو كما تفضل الأستاذ سالم الطويرقي بقوله: إنه يهدف للربحية أو لا تنطبق فيه الشروط الوقائية للطالب.. عبد العزيز الغامدي انتقد الاهتمام الخاص الذي يوليه بعض رجالات القطاع الخاص بهدف البحث عن الأجر والثواب متناسين أن الأجر أيضاً في كفالة الطلاب ودعمهم وتطويرهم وإعدادهم للمستقبل بل قد يكون أجر دعم هؤلاء أفضل من بناء مسجد في حي مليء بالمساجد! تفاعل محدود لم يطل التعليم الطالب عبدالله الزهراني أحد المبتعثين لإكمال درجة الماجستير في أستراليا تساءل في بداية مداخلته عن دور القطاع الخاص مع توجيهات خادم الحرمين الشريفين الداعية إلى دعم المتعلمين وتكملة مسيرتهم التعليمية وقال: بالأمس شاهدنا تسابق القطاع الخاص بالتفاعل مع زيادة الرواتب التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - للقطاع الحكومي، كما رأيناه يسارع في دعم بعض الخدمات الصحية وغيرها من الخدمات، إلا أننا لم نر ذلك الاهتمام من القطاع الخاص يمتد إلينا ليقدم لنا دعمه وتشجيعه رغم أن دولتنا تولي قطاع التعليم اهتماماً كبيراً.. والآن ونحن نغادر لمواصلة تعليمنا نتساءل ماذا قدمت البنوك مثلاً من تسهيلات للمبتعثين؟ فنحن لم نر أي إعلان من بنك رغم ما تحققه بنوكنا من أرباح سنوية، ولم نر أي إعلان يفيد بتقديم أي خدمات للمبتعثين.. الإبداع مرتبط بالقطاع الخاص الطالبة أماني مغربي التي انتقلت قريباً من القطاع التعليمي الحكومي إلى إحدى الكليات الخاصة تقول: تغيرت حياتي التعليمية عما كانت عليه حينما كنت في القطاع الحكومي بدرجة كبيرة فغرف المختبرات مثلاً في القطاع الحكومي محدودة مقارنة بالقطاع الخاص التي تتيح لي التعلم نظرياً وعملياً وفي أكثر من مجال، كما أنها تفتح المجال باختيار الهوايات المختلفة وتضيف.. أنا حينما انتقلت للقطاع الخاص وجدت نفسي أبدع أكثر حتى في المواد النظرية، وكل ما نقوله للقطاع الخاص أن إعداد الجيل القادم لن يتم إلا بدعم ودراسة والمسؤولية تقع عليكم أكثر بدعمكم للطلاب، وأن كل ما يقدم للطلاب سيكون له مردود إيجابي على القطاع الخاص. ربح كبير وسريع والضحية الطلاب! نوف سواد الطالبة في كلية خاصة طلبت المداخلة وقالت: ما قيل في الندوة كثير، وما بقي هو الأكثر حول دعم القطاع الخاص للطالب وإعداده قبل خروجه لسوق العمل.. فالطالب لابد أن تنمي مواهبه منذ مراحله الأولى للدراسة. وتتساءل: إذا لم يمد القطاع الخاص يده ويعين الطالب ويقومه ويوجهه لمتطلباته فكيف يريد من الطالب الجاهزية بعد تخرجه من مواد نظرية؟..وتؤكد الطالبة نوف أن المدارس الخاصة تلزم الطلاب بدفع بعض الرسوم عن بعض الخدمات التي تقدم لهم وتطرح تساؤلا آخر وتقول: لماذا يبحث القطاع الخاص للربح الكبير والسريع من وراء طالب محدود القدرات المادية.. ولماذا لا يقوم بالاستثمار في المدارس الحكومية كإنشاء المختبرات وورش الرسم وملاعب الرياضة لدى الشباب وتطويرها ويكون برسوم رمزية لا تثقل كاهن الطالب وبالتالي تساعده على تحديد مجاله في الحياة. فكر تجاري؟! الخطط المستقبلية والدراسات كانت حاضرة في الندوة عبر رجل الأعمال رائد حابس الذي أفصح عن خدمات للطلاب يرى أنها تساهم تنقل الطلاب من الجانب النظري إلى الجانب التطبيقي والعملي. مشروعه الذي سيوفر - بحسب ما يقوله - عدد من الرحلات الداخلية للطلاب تحت مسمى (تعرف على وطنك)؛ يهدف إلى نقل الطلبة واقعهم الذي درسوه من خلال زيارة بعض أبرز مناطق المملكة.. ويقول حابس: حقيقة لا ننكر قصور القطاع الخاص حتى في تقديم الدراسات والدعم للمسيرة الطلابية.. ولكننا في المقابل لا بد أن نعلم بأننا الآن في وقت انتعاش اقتصادي للمملكة، وهذا بدون شك يعود بفضل الله ثم بفضل القائمين عليها.. ويضيف: أنا هنا لا أقول: إن شركتنا هي الوحيدة التي شرعت في تقديم ما تستطيع تقديمه للطالب فهناك العديد من الشركات التي تبحث وتتقصى الاحتياجات التي من شأنها تطوير مهنية الطالب، وهذا بدون شك سيعود للجميع بالفائدة ويختم مداخلته بقوله:... نتمنى ألا تكون هذه محطتنا الأخيرة في تقديم ما من شأنه خدمة الطالب وتشجيعه في مواصلة تعليمية. تحفظات وتضادات.. ومن جانبه يقول عماد خوجة الذي يعمل في إحدى الشركات الكبرى أنه يرى أن هناك تحفظات من المؤسسة التعليمية حول بعض الدعم الذي ترغب بعض الشركات تقديمه للطالب فمثلاً هناك تحفظ على عدم وضع شعار الشركات على الخدمات التي تريد الشركات تقديمها.. كما ان هناك تحفظات على بعض أنواع الأغذية، ويضيف أن مثل هذا حدث له في الشركة التي يعمل بها حيث إنه وجد رفضاً وتساءل بقوله: كيف نستطيع أن نفسر مثل هذا الرفض؟.. ويعود من جديد الأستاذ الطويرقي للتعليق على ما دار بين الحضور ويقول: من دون شك، وكما ذكرت في بداية حديثي فإن المؤسسة التعليمية حريصة على الطالب، وعلى نشأته هذا عندها أهم من دعم مشروط من جهة تلزم بوضع شعارها بشكل دائم حيث إن مثل هذا يرسخ في ذهن الطالب ويطغى على تفكيره تلك الدعاية على حساب المنتج.. ويضيف: كما أن ما يرفض من بعض العروض التي تقدم نرى فيها الكثير من المراوغة تحت مسمى الدعم فعادة ما نكتشف بأنها عملية ترويجية للشركة الهدف من ورائها الربح وبطريقة انتشار أوسع!. ويختم تعليقه بقوله: لو كان الدعم يقدم على هيئة - مثلاً - إنشاء مدارس من شركات مقاولات كبرى، وأن تكون المبالغ المدفوعة فيها على دفعات أو على أقساط على المدى البعيد، أو أن ينشئ أحد أصحاب الشركات الخاصة مرافق خدمية داخل المدارس أو توفير متطلبات للمحتاجين؛ لقبلنا هذا الأمر لأن خيره دائم وشامل للجميع على المستوى القريب والبعيد. زمن المهنة وليس الإدارة ويتداخل من جديد الأستاذ عبدالعزيز الغامدي ليؤكد بأن الزمن الحالي زمن المهنة وليس الإدارة.. ويضيف: نتمنى أن يكون الدعم في الجانب المهني وتطوير المواهب المهنية لدى الطلاب وضرب مثالاً على طالب اخترع جهازاً ورغم حصوله على براءة الاختراع إلا أنه لم يستطع أن يدفع رسوم براءة الاختراع السنوية، ولم يجد بالتالي من يستقطبه ويدعمه من الشركات المحلية ويشير الغامدي إلى أن هذا الطالب لا يعتبر من المتفوقين علمياً في دراستهم. رجل الأعمال رائد حابس اختتم الندوة بتأكيده على أن مجالات الدعم للطلاب كثيرة، وأنه لا يجب أن يجلس الجميع مكتوفي الأيدي بانتظار ما تريده المدارس من القطاع الخاص بل المبادرة وتقديم ما يصب في مصلحة الطلاب وبما يخدم في النهاية الوطن.. ودعا حابس الجهات الحكومية والأهلية وبالخصوص الغرف التجارية الاهتمام بهذا الجانب، وأن يتم تفعيله على مستويات المنتديات ولقاءات رجال الأعمال. توصيات الضيوف؟ في نهاية الندوة خرج الضيوف بعدد من التوصيات من بينها ضرورة زيادة دعم القطاع الخاص للطلاب الذي لا يتجاوز حالياً 10%، ويفتقر إلى توفير المواد الغذائية والهدايا إلى ما هو أهم، وهو تطوير الجانب المهني لدى الطالب، ومن التوصيات حث البنوك على دعم بعثات الطلاب والطالبات وضرورة تهيئة الأجيال القادمة منذ المراحل الأولى للدراسة إضافة إلى أهمية أن يستغني القطاع الخاص عن الربح السريع والربح الكبير في مجال خدمة الطلاب حتى يعتبر دعما مباشرا. ضيوف الندوة الأستاذ سالم الطويرقي مدير إدارة التوجيه والإرشاد بإدارة تعليم منطقة مكةالمكرمة الأستاذ عبدالعزيز الغامدي مدير النشاط التعليمي من إدارة تعليم جدة رجل الأعمال الأستاذ رائد حابس عماد خوجة من إحدى شركات القطاع الخاص الطالب المبتعث عبدالله الزهراني الطالبة أماني العبدلي