ما من شك أن أحد أهم ركائز تخصيص الخدمات الحكومية إنما يتمثل في تقديم تلك الخدمات من خلال القطاع الخاص بأعلى جودة وبأقل تكلفة وما من شك أن تخصيص أي خدمة حكومية سينعكس إيجاباً من خلال تقلص المبالغ المصروفة لتقديم تلك الخدمة للمستفيدين منها وبالنظر إلى خصخصة البريد السعودي نجد أن معالي رئيس مؤسسة البريد سبق أن أكد على أن مشاركة القطاع الخاص في تقديم الخدمات البريدية ستؤدي إلى توفير ما قيمته أربعون مليون ريال من تكلفة التشغيل على المؤسسة وما من شك أن غالبية دول العالم إن لم يكن جميعها لا تفرض رسوماً على صناديق البريد. وفي الوقت الذي كنا نعتقد فيه بأن أهل البريد لدينا، وتزامناً مع توجيه المؤسسة إلى خصخصة الخدمات البريدية لن يترددوا في إلغاء رسوم الاشتراك في خدمة صناديق البريد وتخفيف التكاليف على المستفيدين من الخدمات البريدية وذلك تحقيقاً لأبسط مبادئ الخصخصة، إلا أننا فوجئنا بقيامهم بمضاعفة تلك الرسوم ثلاث مرات (من 100 ريال إلى 300 ريال في السنة) وذلك لأسباب لا يعلمها إلا الله وبعض المعنيين من أهل البريد. وإزاء تلك الزيادة غير المبررة لرسوم الاشتراك في خدمة الصناديق البريدية، أود أن أطرح عدداً من التساؤلات التي أتمنى أن يتأملها المعنيون في مؤسسة البريد، ومنها: لماذا قمتم برفع تلك الرسوم على المواطن في الوقت الذي تنوي منه المؤسسة نقل ملكية الصناديق من الدولة للقطاع الخاص، ومن المستفيد من ذلك؟ ثم لو كانت تلك الصناديق مجانية، هل كنتم ستستعجلون في تركيبها وإلزام الناس بها كما هو حالياً؟ وهل استأذنتم أهل وأصحاب البيوت في تركيب تلك الصناديق لمعرفة ما إذا كانوا يرغبون الاشتراك فيها؟ ثم من أذن لكم بحفر وتشويه جدران المنازل؟ ألا تعلمون أن بإمكان الناس مقاضاتكم على ذلك؟ نعم هل تعلمون أن ما حدث من تكسير وتخريب لجدران وأبواب خلق الله إنما يتحمل مسؤوليته من وجه وأمر بتركيب تلك الصناديق؟ ثم هل تلك الصناديق (الكرتونية) التي هناك جزء ليس بالقليل منها قبل أن تبدأ هي أفضل ما توصلتم إليه؟ أم أن شغفكم لتحصيل الرسوم العالية من المواطن أنساكم أصول العمل الاحترافي؟ هل استفدتم من خبرات وتجارب الدول الأخرى التي سبقتنا في تقديم تلك الخدمات البريدية؟ لو كان ذلك صحيحاً لوضعتم صناديق حديدية لا تتأثر بالمتغيرات المناخية ولو كان ذلك صحيحاً لاكتفيتم بوضع فتحة في الجدار أو الباب فقط وتركتم لصاحب المنزل أن يضع النوعية التي يرغب فيها من الصناديق خاصة أن في ذلك تحقيق للحماية اللازمة للرسائل والطرود البريدية من عبث العابثين إذا كانت خارج المنزل هذا إضافة إلى إعطاء صاحب المنزل (وعائلته) الحرية في تسلُّم طرودهم البريدية دون الحاجة للخروج للشارع. لماذا تفرضون رسوماً بريدية على المرسِل والمرسَل إليه معاً. في جميع دول العالم نجد أن الرسوم تفرض على المرسِل فقط من خلال شراء الطوابع البريدية، لا أتذكر وجود دولة في العالم تفرض رسوماً على المرسَل إليه كما ترغب بذلك مؤسسة البريد من خلال عزمها فرض رسوم عالية على تلك الصناديق البريدية. وهل من الممكن أن يفيدنا أهل البريد عن الدول التي تفرق بين صندوق البريد الشخصي وصندوق البريد العائلي؟ وهل يعلمون كم من الوقت سيتم استغراقه لفرز الرسائل وهل هي موجهة لصندوق فردي أم صندوق عائلي؟ أم أنه أصبح طبيعياً لدى أهل البريد ألا تصل الرسالة داخل المملكة إلا بعد أسابيع من إرسالها وهل ستجند المؤسسة الآلاف من الموظفين من أجل إعادة البريد الوارد على الصندوق العائلي في حال معرفة أن صاحب الصندوق لم يحول صندوقه إلى عائلي؟ وهل سيتم إعادة الرسالة الدولية للمصدر في حالة معرفة أن صندوق المشترك ليس عائلياً؟ ومن سيتحمل إعادة تلك الرسائل والطرود البريدية الدولية؟ ثم إذا كانت معظم المراسلات تتم بالe-mail مثل فواتير الخدمات والتعاملات البنكية وغيرها، فماذا بقي من مراسلات للمواطن حتى يتم إجباره بدفع ثلاثة أضعاف رسوم الصناديق البريدية؟ وأخيراً: لماذا يفرض أهل البريد رسوماً إضافيةً مبالغاً فيها على المواطن في الوقت الذي تحرص قيادة هذا الوطن في تخفيض بعض الرسوم المفروضة عليه؟. [email protected]