تقدير العلماء واحترامهم هو ديدن هذه الدولة المباركة منذ أن قامت وأعزها الله بالدين وأعز الدين بها؛ فقد دأب حكامها على احترام العلماء وتقديرهم حق التقدير. مواقف الملك عبدالعزيز وأبنائه من بعده في احترام العلماء أكثر من أن تحصى في هذه الأسطر، وصولاً لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي رأيناه في مناسبات أعياد الفطر ماضية يأتي إليه المهنئون من جميع الفئات، بينما يذهب هو بنفسه حين كان ولياً للعهد إلى العلماء في بيوتهم لتهنئتهم بالعيد؛ احتراماً وتقديراً ورفعةً لمكانتهم. هذا ليس بجديد، لكن ما دعاني لكتابة هذه الأسطر هو موقف شاهدته على شاشة القناة الأولى في مجلس سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز -حفظه الله- عندما كان يستقبل العلماء والمواطنين يوم السبت 27 - 10 - 1427 ه، فلم يشأ سموه أن يأخذ فنجان القهوة قبل سماحة المفتي، بل انتظر حتى أخذ المفتي فنجان القهوة ثم أخذ بعده، والحقيقة أنها لم تكن المرة الأولى التي ألاحظ هذا التصرف النبيل من سموه. سلطان بن عبدالعزيز رجل جُبِل على الخير وحسن الخلق والتواضع، وما هذا التصرف من سموه بما له من رمزية ودلالات عميقة إلا برهان لاحترام سموه للعلماء ودليل جليّ على طيب معدنه ونبله وسمو أخلاقه. إن هذا التصرف البسيط واللمسة الراقية بما لها من دلالات وهي تأتي من ثاني رجل في الدولة لتعد بحق برهاناً على مكانة (ورثة الأنبياء) في دولة التوحيد، وتعبيراً عن المكانة العالية التي يحتلونها في القلوب. وهكذا هو سلطان الخير نبراس وقدوة في كل أمر طيّب؛ في العمل الخيري والأخلاق، والكياسة والفطنة، وكل ما يتمتع به رجل الدولة الحصيف من صفات.