البهاق.. ذلك التلون الأبيض على الجلد وتلك البقع البيضاء العنيدة. إنه توقف عن إنتاج صبغة الجلد والمعروفة (بالميلانين). يبدأ في أي زمان وأي مكان، لا يعاف الطفل ولا الشيخ، الرجال والنساء على السواء. تلك الخرائط والغيوم البيضاء التي تلبد سطح الجلد، لكنها لا تمطر وليس فيها من الجمال إلا صفائها. تحدٍ واقع للمريض والطبيب معاً. علاجات عديدة وأقوال سديدة لكنها على جلدي يا دكتور عنيدة عنيدة فأخبرني ما الجديد لديكم وما هي قصة زراعة الخلايا الصباغية؟ علّني أصبح بها سعيدة. يقوم المركز الوطني لعلاج البهاق وأبحاثه بفرعيه في مدينة الرياضوجدة منذ تأسيسه منذ حوالي 4 سنوات بإجراء علاجات متنوعة ومختلفة للبهاق. وتعتبر زراعة الخلايا الصباغية الذاتية إحدى أهم وأحدث العلاجات المتوفرة لأنواع معينة من البهاق. ويفتخر المركز الوطني لعلاج البهاق بوجود أحد أهم الكوادر الطبية المتخصصة في هذا المجال وهو الدكتور (سانجيف موليكر)، استشاري أمراض البهاق وجراحاته وكان لنا مع الدكتور موليكر لقاء خاصة تحدثنا فيه عن هذا النوع من العمليات الجراحية والنتائج ودرجة الشفاء. يقول الدكتور (موليكر): إن عملية زراعة الخلايا الصباغية هي عبارة عن عملية ميكانيكية يتم فيها استخراج ونقل الخلايا الصباغية من الجلد السليم للمريض المصاب بالبهاق ونقلها ثم زرعها في المناطق المصابة من المريض نفسه فهي عملية نقل ذاتية يسهل قبولها وعدم رفضها من الجسم. ويضيف الدكتور موليكر أن العملية تجرى داخل العيادة وتستغرق حوالي الساعتين، يكون المريض خلالها واعياً حيث تجرى العملية تحت التخدير الموضعي إلا في بعض الحالات كما عند بعض الأطفال حيث من المفضّل أن تجرى العملية تحت التخدير العام. ثم يحدد أولاً مناطق الجلد السليم التي يراد أخذ الطعم (الشريحة) منها وتكون عادة في أعلى الفخذ، وتؤخذ هذه الشريحة بواسطة آلة خاصة لضمان الحصول على طبقة رقيقة جداً، يتم وضعها فوراً في محلول خاص ثم في حاضنة بدرجة حرارة معينة لمدة 45 دقيقة، ثم تغسل وتوضع في محلول آخر بحيث يسهل فصل الخلايا الصباغية عن غيرها، ثم توضع في محلول آخر لتسهيل زرعها داخل مناطق البهاق. وخلال هذه المرحلة ينصرف الطبيب إلى مناطق الجلد المصابة بالبهاق حيث يستعمل الليزر أو جهازاً خاصاً لتقشير هذه المناطق (السنفرة الجلدية) DERMABRASION لتصبح جاهزة لتلقي الخلايا الصباغية. وبعد وضع الخلايا الصباغية بطريقة خاصة يتم تغطية هذه المناطق بمواد تمنع دخول الماء والهواء لمنع التلوث ثم يعود المريض إلى المنزل، وليس هناك لزوم للراحة التامة، ما عدا عدم التحريك العنيف للمناطق المزروعة خاصة في الثلاثة أيام الأولى، ويتم متابعة المريض كل أسبوع ثم كل شهرين بعد الشهر الأول من العملية. * متى تبدأ بقع البهاق بالتصبغ بعد العملية؟ * نود أن نتعرف على بعض النتائج لديكم في المركز الوطني لعلاج البهاق؟ - تم إجراء أكثر من 600 عملية زراعة خلايا في المركز الوطني لعلاج البهاق، وتم إجراء دراسة تحليلية عليهم، وكان هؤلاء المرضى مصابين بأشكال مختلفة من البهاق، وكان البهاق القطعي هو الأكثر شيوعاً، ثم الموضعي ومن ثم المنتشر وأخيرا البهاق الطرفي، كما حددنا في هذه الدراسة انتشار البهاق وفقاً للعمر والجنس وحددنا نسبة التحسن من ممتازة، إلى جيدة، ثم متوسطة، ثم ضعيفة. وكانت النتائج متوسطة إلى ممتازة أكثر من 80% من المرضى. ولكن علينا أن نذكر أن هذه النتائج ترتبط بنوع البهاق المعالج، حيث إن البهاق الموجود في مركز الجسم، كالجذع مثلاً أو في المناطق المشعرة تكون الاستجابة للعلاج الجراحي أفضل بكثير من البهاق الموجود في الأطراف البعيدة من الجسم، أو في المناطق غير الحاوية على الشعر. وعلينا أن نذكر أن مضاعفات هذه العملية نادرة وتكاد تكون معدومة. * وماذا عن التأثيرات النفسية والاجتماعية للبهاق؟ - رغم أن البهاق مرض سليم ليس له أي تأثيرات ضارة للبهاق، إلا أن له تأثيرات سلبية على المصاب به وعلى المجتمع الذي يعيش فيه المريض، لدرجة أنه للأسف قد يمنع الشخص من الزواج، أو الحصول على وظيفة مناسبة، وقد يصاب جراء ذلك بأمراض نفسية متعددة. * بماذا تنصح المرضى المصابين بالبهاق؟ - على مرضى البهاق أن يتصرفوا وكأنهم ليسوا مصابين بأي مرض، وعليهم أن يمارسوا نشاطاتهم بشكل كامل، وأن يقرؤوا عن مرضهم لتزداد ثقافتهم عنه ليستطيعوا مناقشة الآخرين في مجتمعهم، وعليهم أن يتذكروا أن أبواب العلاج مفتوحة فيجب ألا ييأسوا، حيث توصل العلم لعلاجات حديثة مثل زراعة الخلايا الصباغية الذاتية، كما على مرضى البهاق أن يبنوا جسوراً من الثقة بينهم وبين أطبائهم. * حدثنا د. موليكر عن تجاربك الشخصية حول عملية زراعة الخلايا الصباغية؟ - لقد أجريت أكثر من 1500 عملية إلى الآن، وبالطبع تختلف النتائج باختلاف المنطقة المعالجة من الجسم، فالمناطق الطرفية قد لا تتجاوز فيها نسبة النجاح 30%، في حين أن هذه النسبة ترتفع لتفوق ال 90% في المناطق الموجودة في مركز الجسم أو القريبة منه، والمحتوية على الشعر، ولكن يمكن زيادة نسبة النجاح حتى في الحالات الطرفية بإعطاء المريض كميات قليلة جداً من الكورتيزون بطريقة خاصة بحيث نحصل على التأثيرات العلاجية المرغوبة ونتجنب ما أمكن التأثيرات الجانبية، ويجب متابعة المريض دورياً بعد الجراحة لتقييم وضعه والوقوف على نتائج العملية.