لقد فقدت الساحة الأدبية في يوم الأربعاء الموافق 8 شعبان 1427ه زعيم الرواية العربية وأحد عمالقة الأدب العربي الكبار. وإننا بفقده لنخسر أستاذنا ومعلما ومثقفا وأديبا وعالما قدم لنا وللأمة العربية بل للعالم كله الكثير والكثير، فهو قد أصدر أكثر من خمسين عملا أديبا منها الروايات الطويلة والقصص القصيرة والمسرحيات والمقالة الصحفية. فمسيرة الرجل حافلة بالعطاء والوفاء، فهو بدا الكتابة وعمره لم يتجاوز السابعة عشرة. وتعتبر روايته خاصة ثلاثيته الشهيرة: (بين القصرين وقصر الشوق والسكرية) مجالا خصبا للمختصين في الدراسات الاجتماعية لأنها تحكي الواقع الاجتماعي للمجتمع المصري خلال القرن العشرين وهي كذلك مجال خصب للمتخصصين في علم التاريخ لأنها توثيق علمي لحقبة تاريخية شهدت عدة تحولات اجتماعية وسياسية كبيرة. ربما أن محفوظ لم يحقق الشهرة العالمية إلا بعد حصوله على جائزة نوبل للأدب عام 1988م لكن هذه الشهرة جلبت له بعض المتاعب كان من أبرزها تعرضه لمحاولة الاغتيال عام 1994م على يد أحد المتشددين الإسلاميين، وذلك على خلفية روايته التي تسمى بالعربي (أولاد حارتنا) وباللغات الأخرى كانت تسمى (أولاد الجبلاوي). لم ينجب نجيب محفوظ سواء بنتان فقط، ولكن كل المثقفين والأدباء والروائيين هم أولاده. نجيب محفوظ لم يكن يملك جواز سفر ولا يحتاج إليه لأن أدبه يعتبر جواز سفر عالمي. نجيب حقق شهرته الواسعة ليس عن طريق السفر والترحال والتجول في العالم ومعرفة الشعوب وثقافاتها ولكن بالغوص داخل أعماق المجتمع المصري وتشخصيه. لقد طلب محفوظ من الأدباء الذين زاروه قبل وفاته في مستشفى الشرطة على نيل القاهرة وهم جمال الغيطاني ويوسف القعيد وعبدالرحمن الابنودي أن يدعوا له. لذلك لا نملك إلا أن ندعو له بالرحمة والمغفرة، سبحان من وسعت رحمه كل شي.