هوية إسلامية وتاريخ متجذر    الأردن يدين قطع سلطات الإحتلال الكهرباء عن قطاع غزة    البصمة.. التوقيع الفريد الأزلي    عطل مفاجئ يضرب منصة X مع تضرر ملايين المستخدمين    سفير خادم الحرمين لدى البحرين يقيم مأدبة إفطار رمضاني    أمين تبوك: لدينا أكثر من 120 فرصة استثمارية متنوعة    المملكة واحة استقرار    سورية تعلن استعادة الأمن في محافظات الساحل    الراية الخضراء.. انتماء ونجاح وثقافة وطن    «مشروع الأمير محمد بن سلمان» يجدد مسجدي «الحزيمي» و«الفتح»    سلمان بن سلطان يدشن مشروعات بحثية لتوثيق تاريخ المدينة المنورة    إطلاق «الواحة» أول مشغل بملكية سعودية بالأسواق الحرة    الداخلية تصدر دليلًا إرشاديًا لأمن المعتمرين والمصلين في رمضان    الإنتاج الصناعي يسجل نموًا بنسبة 1.3% في يناير 2025    استمرار مبادرة "لك مثل اجره " التي اطلقها فريق قوة عطاء    أمير تبوك يرعى حفل يوم البر السنوي ويكرم الجمعيات الفائزة بجائزة تبوك للعطاء    نائب أمير المنطقة الشرقية: العلم السعودي رمز للوحدة والاعتزاز بالهوية الوطنية    النصر يستعيد رونالدو ولاجامي    من قلب التاريخ: فعاليات "قلعة تاروت" تعيد إحياء التراث الرمضاني    «سلمان للإغاثة» يدشن مشروع سلة "إطعام" الرمضاني ومشروع "كنف" في لبنان    أكثر من مليون و 400 ألف خدمة قدمها مجمع إرادة بالرياض خلال عام 2024    الجمارك تحبط تهريب أكثر من 1.3 مليون حبة "كبتاجون" مُخبأة في إرسالية أجهزة تكييف    المسلم في عين العاصفة    اتفاقية تعاون بين شركة حرف السعودية وشركة شكرا لخدمات الأعمال لدعم الحرفيين    السياحة تعلن عن تجاوز عدد الغرف المرخصة في مكة 268 ألفًا بنسبة نمو 64%    حساب المواطن: 3 مليارات ريال مخصص دعم شهر مارس    اتفاقية تعاون بين تجمع الرياض الصحي الثالث ومستشفى الملك فيصل التخصصي    42 شهيدًا ومصابا في غزة خلال 24 ساعة    في ترتيب الأكاديمية الوطنية للمخترعين الأمريكية.. الجامعات السعودية تتصدر قائمة أفضل 100 جامعة في العالم    اليمن.. إتلاف ألغام حوثية في مأرب    خلال حفلها السنوي بالمدينة.. «آل رفيق الثقافية» تكرم عدداً من الشخصيات    300 مليون دولار.. طلاق محتمل بين جورج كلوني وزوجته اللبنانية    في ختام الجولة 25 من " يلو".. النجمة والعدالة في صراع شرس على الوصافة    مواقف ذوي الإعاقة    تجاوز ال"45″ عاماً.. الإفطار الجماعي يجدد ذكريات «حارة البخارية»    مخيم عائلة شبيرق بأملج لإفطار الصائمين    أنهى ارتباطه بها.. فقتلته واختفت    الغذامي والبازعي والمسلم.. ثلاثتهم أثروا المشهد بالسلبية والشخصنة    مدير الأمن العام يرأس اجتماع اللجنة الأمنية بالحج    اغتراب الأساتذة في فضاء المعرفة    الشيخوخة إرث الماضي وحكمة الحاضر لبناء المستقبل    فيجا يربك حسابات الأهلي    السالم يبتعد بصدارة المحليين    تمبكتي يعود أمام باختاكور    الاتحاد يجهز ميتاي للرياض    سعود يعود بعد غياب لتشكيلة روما    فتيات الكشافة السعودية روح وثّابة في خدمة المعتمرين في رمضان    الأمير سعود بن نهار يستقبل قائد منطقة الطائف العسكرية    قطاع ومستشفى تنومة يُفعّل "التوعية بالعنف الأُسري"    أبها للولادة والأطفال يُفعّل حملة "التطعيم ضد شلل الأطفال" و "البسمة دواء"    مستشفى خميس مشيط العام يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    شبكة مالية حوثية للهروب من العقوبات    "تكفى لا تعطيني" تحاصر عصابات التسول    ‏ "أمّ القُرى" تحصد شهادة الآيزو الدَّوليَّة في مجال أمن المعلومات ومجال الأمن السيبراني    نعتز بالمرأة القائدة المرأة التي تصنع الفرق    أمير منطقة جازان يتسلم التقرير السنوي لجمعية الأمير محمد بن ناصر للإسكان التنموي    العلم شامخ والدعوة مفتوحة    الجامعة العربية تدين تصاعد العنف في الساحل السوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترويض السلبيات ودعم تحالفات السوق
قراءة جديدة من غرفة الانتظار (3 - 3)
نشر في الجزيرة يوم 03 - 08 - 2006

في المقال السابق ذكرنا أن من أبرز الظواهر السلبية (والإيجابية) التي يشهدها سوق المال السعودي الآن تلك التحالفات الواضحة بين مجموعات من المضاربين والمتحالفين وربما اللوبي المتزن، الذين أصبحوا يسيِّرون هذا السوق حسب مصالحهم الشخصية (وهذا حق مكفول لهم بحكم نظام السوق وحرية التعامل وحرصهم على دعم! كيان السوق ومرونته) والتأثير غير المباشر على أي اتجاه للاستثمار في السوق من خلال فقاعات بيع وشراء غير متزن، ووفقا للقدرة في قراءة واستغلال المعطيات والأحداث المحلية والدولية والوهمية وأحياناً العبقرية مما أدى إلى إحداث ضربات موجعة لصغار المستثمرين الذين يتململون في غرفة الانتظار، حيث لا يحسنون اختيار التوقيت السليم للدخول والخروج من السوق أو حتى استيعاب هذه الفقاعات سواء كانت إيجابية أو سلبية، علاوة على ذلك (قدرة هذه المجموعات على إعادة التوازن للسوق، مستوعبة الخلل الناشئ في السوق بين مفهوم المحفزات الاقتصادية للاستثمار وأركان مفهوم النظريات الاقتصادية من جهة، ورغبة هذه القوى في دعم استراتيجيتهم لتركيبة السوق المستقبلية من جهة أخرى.
ومن خلال قراءة جديدة نجد أن تقارير خبراء المال والاستثمار بالمملكة وكذلك محللي السوق الرمادية (بعد اعتراف الأغلبية بفشل التحليل المالي للأسواق الناشئة وخصوصا سوق المال السعودي)، قد أجمعت بقوة على أن المشكلة التي يشهدها سوق المال الآن ترجع إلى التحالفات الواضحة بين مجموعات من المضاربين الذين أصبحوا يسيّرون السوق حسب مصالحهم الشخصية (رغم اعترافهم أحيانا بأهمية واحتياج السوق لهذه المجموعات لانتشال السوق من الأزمات الحقيقية أو الوهمية، وأحيانا يرى المحللون الماليون هذه المجموعة كنافذة حقيقية في توثيق آرائهم أو شماعة لإخفاقات تحليلاتهم)؛ مما أدى إلى إحداث ضربات موجعة لصغار المتعاملين الذين لا يحسنون اختيار التوقيت السليم للدخول والخروج من السوق.
وشددت هذه التقارير على أن التراجع في أسعار الأسهم المحلية وتذبذب مساراتها في جلسات التداول مؤخرا لم يكن مبررا، وقد عكس سيطرة المضاربين على السوق مع تفشي غياب الوعي الاستثماري لدى شريحة كبيرة من صغار المتعاملين.
وتشير التقارير أيضاً إلى أن تحالفات كبار المضاربين في السوق قد اتسمت بالخصائص السلبية التالية:
1 - هذه التحالفات قد استغلت ظروف التوتر في جنوب لبنان للتأثير على السوق بقصد تحقيق أرباح طائلة على حساب صغار المستثمرين حالياً التي استفاد منها المضاربون بشكل كبير.
2 - إن كل المعطيات والمؤشرات الاقتصادية التي يمر بها الاقتصاد السعودي لا تبرر الانخفاضات الحادة التي تصيب السوق بين الحين والآخر، حيث إن الاقتصاد السعودي يعتبر قويا إلى درجة استيعاب أي أحداث أو هزات سياسية وتجاوزها.
3 - من أسوأ الظواهر السلبية التي تحكم سلوك المستثمرين الآن هي الانسياق وراء الشائعات التي يبثها المضاربون في منتديات الإنترنت، والمبالغة في طلبات شراء أسهم الشركات قبل افتتاح السوق بدقائق ومن ثم سحبها بالكامل، الأمر الذي يعطي مؤشرات غير صحيحة للمتداولين، مما يعد نوعاً من التدليس.
4 - إن كبار المضاربين يعرفون - بلا شك - اللحظة المناسبة لدخول السوق والخروج منه ويدركون سلوكيات صغار المضاربين والهلع المصاحب لقراراتهم بالسوق، بعكس (الصغار) الذين يفتقدون الوعي الاستثماري أو حتى استيعاب القوة التحالفية التي تختزنها محافظهم في توجيه السوق أو على الأقل إيمانهم بأن توطين السوق وتحديد مسار مكتسباته قائم بالأغلبية.
فمن المتعارف عليه أن الذين يدخلون السوق في اللحظة الأخيرة والأسعار في صعود كبير ومشترياتهم عادة ما تكون في الأسعار الأعلى، وإذا أرادوا الخروج سيخرجون بخسائر فادحة كونهم سيبيعون ما لديهم بأسعار أقل مما اشتروا بها. وبالتالي فإن هؤلاء الصغار من المتعاملين يتخذون قرارات متأخرة سواء في دخول السوق أو في الخروج منه وتنفيذ استراتيجية كبار الزبائن ودفع فاتورة العلاج من محافظهم برغبة الانتظار دون أن يكون لهم الفرصة في مقابلة الطبيب.
ولذلك يتعين على هذه الشريحة من صغار الزبائن الآن اتخاذ الحيطة ودراسة السوق جيداً واختيار الوقت المناسب لدخول السوق والخروج منه، وبناء القرار الاقتصادي في البيع والشراء والاستثمار بعيدا أحلامه في بناء ثروة سريعة على حساب نشاطاته السابقة. كما يجب علينا جميعاً كهيئة ومحليين وخبراء (وحتى نحن) الأكاديميين الاستثمار في المعلومة الاستثمارية والإعلامية والتخطيطية والبحثية وبناء لوبي مستثمر في مستقبل القرار وبناء المعلومة الصحيحة والأهم من ذلك كله التعريف بهذا القطاع الاستثماري وكونه مكملاً لا فرديا لبقية القطاعات الاقتصادية الوطنية.
لا أحد يشكك (خصوصاً) لمن يهتم بالبيئة بأن الحمم المحرقة للبراكين (بجحيمها) يتولد معها منافع معدنية ووقائية وفرض أمر التعايش البيئي، ورغم هذه التحالفات والتلاعبات في السوق فقد أكدت التقارير المالية مؤخرا أن وضعية التحسن في أداء السوق ستتواصل لأسباب عديدة أهمها استمرار توافر السيولة في السوق ونمو عدد الإصدارات الجديدة وارتفاع أسعار النفط لمستويات قياسية وارتفاع ميزان الوعي الاستثماري والرغبة الأكيدة لدى هيئة سوق المال الحالية في التضحية والبناء بهدوء؛ من أجل قطف الثمار المستقبلية دون المساس بتركيبة السوق الحالية لجميع الأطراف ذات العلاقة بالسوق من متعاملين أو مؤسسات وساطة ترغب في بناء هياكلها واستراتيجياتها وفقاً لتوجهات السوق أو حتى البنوك التي تتعامل كوسيط ومضارب.
إن كل هذه العوامل مجتمعة وخصوصاً رغبة الهيئة في مساعيها وتوجهاتها البناءة في إشراك كل الأطراف من كبار المضاربين والبنوك بمحافظها الاستراتيجية، وآخرها عرض استفتاء شعبي بشأن نظام صناديق الاستثمار لقراءة احتمالات المخرجات وبالتالي جدولة مدخلات هذا التطوير، (واتمنى أن يكون صغار المتداولين خطوتها السابقة)، خطوة صائبة في استيعاب وضم هذه الأطراف كونها جزءاً من الحل لا جزءا من المشكلة، وكلها عوامل إيجابية من شأنها أن تعزز الطلب على الاستثمار في الأسهم، وبالتالي زيادة ونمو حجم التداول في السوق.
إن كل ذلك يتطلب من هيئة السوق المالية ضرورة العمل على سنّ قوانين أكثر صرامة وشفافية في مواجهة حالات المعاملات المشبوهة والمخالفات الواضحة أو أي تجاوزات يقوم بها كبار المضاربين، مع ضرورة وضع حد - بصورة عاجلة - للحفاظ على انضباطية السوق وانتظامه إلى جانب القضاء على المحافظ الاستثمارية الوهمية أو استيعاب نفوذها (شأنها شأن كبار المتعاملين ودورها الإيجابي والسلبي) وتوجيه صغار المستثمرين إلى الاستثمار المتوسط والطويل المدى في السوق وهو الأفضل من الاستثمار القصير لكسب أرباح مادية سريعة والخروج من السوق.
مقترحات نظامية وتنظيمية على طريق الإصلاح
إذا أدركنا أن بذور عدم الاستقرار لا بد أن تزرع في بستان معرفة اللا يقين، فيجب أن نؤمن باللا يقين في سوق الأسهم الناشئة!! وقبل أن نؤمن بحرية زبائن العرض والطلب (في ظل اللا يقين) يجب أن نسعى بما ينبغي في مواجهة المشكلة السابقة والبحث عن مقومات النجاح (الكفاءة) في سوق رأس المال الناشئ أو طبيعته أو طبيعة زبائنه، كما ينبغي أولاً التمييز بين أنواع كفاءة أسواق المال حيث إن هناك ما يعرف بالكفاءة الكاملة والكفاءة الاقتصادية، وترتبط كل منهما بمجموعة من الشروط وبعض القيود المتوقعة في التطبيق، وذلك على النحو التالي:
أ - الكفاءة الكاملة لسوق رأس المال: وتتحقق عندما تتوافر مجموعة من الشروط أهمها:
1 - عدم وجود قيود على التعامل حيث يستطيع المستثمر بيع أو شراء أي كمية من الأسهم، مهما صغر حجمها بسهولة ويسر نسبياً مما يعني قابلية الأسهم للتجزئة وقدرتها على مواجهة مخاطر الهبوط.
2 - توافر معلومات كاملة عن الأسهم الموجودة في السوق لجميع المتعاملين، وبدون تكاليف إضافية وبما يسمح بأن تكون توقعات جميع المتعامين متماثلة.
3 - وجود عدد كبير جدا من المتعاملين بحيث لا يؤثر تصرف أي منهم على حركة الأسعار في السوق، وبالتالي يقبل كل منهم السعر كأمر مسلم به.
4 - تمتع المتعاملين في السوق بالرشد الاقتصادي وبالتالي سوف يسعى كل منهم إلى تعظيم منفعته الخاصة.
وهذه الشروط لتحقيق الكفاءة الكاملة لا تتحقق في الواقع العملي، فهناك بعض القيود التي تضعها التشريعات والتنظيمات، وهناك تكاليف للمعاملات، الخ.
وهذه تؤدي إلى حدوث اختلاف بين القيمة السوقية للسهم والقيمة المحورية له، وهذا هو الأمر الشائع مهما بلغت درجة تقدم وتطور السوق المالية.
ب - الكفاءة الاقتصادية لسوق رأس المال:
وتستند إلى فرضية السعي المستمر للمستثمر في تعظيم منفعته الخاصة، وبالتالي يظل في سباق مع المتعاملين الآخرين في الحصول على البيانات والمعلومات التي تساعده على تحقيق هذا الهدف، ويكون من المتوقع وجود فترة تباطؤ زمني بين المعلومات الجديدة التي تصل إلى السوق وبين انعكاس أثرها على الأسعار السوقية، وبالتالي توقع انحراف القيمة السوقية عن القيمة المحورية للأسهم لبعض الوقت.. وبذلك فإنه استناداً إلى مفهوم الكفاءة الاقتصادية فإن السوق الكفء للأسهم هو ذلك السوق إلى يتمتع بقدر عال من المرونة يسمح بتحقيق استجابة سريعة في أسعار الأسهم للتغيرات في نتائج تحليل المعلومات والبيانات المتدفقة إلى السوق، وبما يؤدي في النهاية إلى تحقيق التعادل بين القيمة السوقية والقيمة المحورية للسهم.
وبصفة عامة فإن الكفاءة في سوق رأس المال على النحو المشار إليه سابقاً تتوقف على كفاءة نظام المعلومات المالية السائدة، وتبني سياسة طويلة الأجل وفقا لمعطيات السوق السابقة، وقدرة الهيئة على توطين واستيعاب اللا يقين في سوق الأسهم السعودية داخل مظلة التشريعات المستقبلية. وأن أهم أسباب عدم كفاءة نظام المعلومات المالية تتمثل في:
1 - التأخير في نشر المعلومات والبيانات وشفافيتها، أو الرضا بضبابيتها مما يقلل من فوائدها للمتعاملين واعتمادهم على مصادر أخرى أسرع.
2 - عدم كفاية المعلومات والبيانات للقيام بتحليلات وتقديرات علمية سليمة لإغفالها بعض المتغيرات الرئيسية التي تساعد على اتخاذ قرارات استثمارية رشيدة.
3 - التباطؤ في تطبيق نظام حوكمة الشركات.
ونتيجة لذلك فقد كان من المتوقع كما حدث في السوق المحلية.
أ - وقوع مضاربات على الأسعار مبنية على تقديرات متباينة يترتب عليها الكثير من الآثار الاجتماعية والاقتصادية السلبية والضارة.
ب - عزوف العديد من المدخرين عن توظيف أموالهم من خلال الأسواق المالية، وبالتالي صعوبة حصول المستثمرين والمنشآت على الأموال اللازمة لهم للتوسع والنمو من خلال أسواق رأس المال بتكلفة مناسبة.
ومن هذا المنطلق فإنه تجدر الإشارة إلى القضايا التالية وكيفية معالجتها من أجل تطوير وتنمية سوق الأسهم بالمملكة بصفة أساسية ودون إبطاء.
أولاً: إن برامج الخصخصة في المملكة يمكن أن تسهم إيجابيا في تطوير وتنمية سوق الأسهم من خلال تأثيرها على مقومات السوق الكفء التي تتمثل في: عمق السوق، اتساع السوق، استمرارية السوق، عدالة السوق.
وسوف يتحقق التأثير على هذه المقومات من خلال التأثير على كل من: عرض الأسهم في السوق - وعدد نمط المتعاملين في السوق.
ثانيا: حيث إنه لوحظ أن بعض المعاملات في سوق المال بالمملكة قد شكلت في مجموعها عائقا أمام تحقيق الكفاءة في سوق الأسهم وقيدا رئيسياً أمام إمكانية تحقيق تنمية وتطوير هذه السوق وذلك على النحو التالي:
أ - تشجيع بعض الوسطاء الماليين للعملاء على إبرام صفقات معينة دون مبررات اقتصادية قوية رغبة في تحقيق المزيد من العمولات والأرباح على حساب نقص الكفاءة في السوق.
ب - انتشار المبادلات الداخلية حيث يتحقق للمدنيين والمسؤولين في المنشآت المدرجة في سوق الأسهم مزايا السبق في الحصول على بعض المعلومات والبيانات المهمة عن المنشآت العاملين بها. تسمح لهم بإتمام صفقاتهم وتحقيق أرباح غير عادية على حساب المتعاملين الآخرين.
ج - قيام بعض المتعاملين بإجراء بعض الصفقات الصورية (بعيدا عن الرقابة المتاحة) لبعض الأسهم ينجم عنها تعامل صوري نشط ومكثف على هذه الأصول المالية لا يقابله تعامل فعلي بنفس المستوى بهدف تضليل الأفراد بوجود تعامل نشط على بعض الشركات حتى لا تنخفض قيمتها، بل من المتوقع زيادتها وبالتالي يحقق المتعاملون أرباحا غير عادية على حساب آخرين تم خداعهم بمعاملات صورية وهمية، مما يترتب عليه آثار سلبية على سوق الأسهم كما حدث مؤخراً.
وعلى ذلك فإنه لا يمكن تجنب ذلك إلا من خلال قيام هيئة السوق المالية بوضع نصوص قانونية فعالة تحقق الحماية والنظام للمتعاملين في سوق الأسهم، واستحواذ استراتيجية كبار المضاربين ودخول أكاديميتهم واتخاذ الإجراءات التصحيحية في الوقت المناسب، بما يسمح أن يتحقق معه ما يلي:
1 - توفير القواعد النظامية، وعدم الإضرار المتعمد بمصالح المتعاملين.
2 - التأكد من سلامة واستمرارية المعلومات والبيانات التي تنشرها الشركات المسجلة في السوق مع تعجيل تطبيق نظام الحوكمة.
3 - توافر عنصر التكافؤ في الحصول على المعلومات والبيانات المالية.
4 - التأكد من سلامة موقف الوسطاء الماليين في السوق.
5 - الملاحظة والرقابة الجادة للأسعار بما يمنع المضاربة الضارة في السوق.
6 - الابتعاد عن التعقيدات الإدارية والبيروقراطية التي قد تكون عامل طرد للأفراد على اقتناء الأصول المالية أو الاستثمار في السوق.
7 - أن تهتم إدارة سوق المال بوضع المحددات التالية بالنسبة للمضاربين:
7-1 أن يوفر المضاربون سيولة دائمة بالسوق في حدود 50% مع ضرورة ربط التحليل الفني للمضاربين للشركات (محل المضاربة).
7-2 تخفيض مستويات المضاربة في الشركات التي تزداد فيها المضاربة.
7-3 أن يتم التركيز في معالجة سلبيات السوق على الشركات المؤثرة على حجم المؤشر العام للسوق.
7-4 تشجيع زيادة الإصدارات الجديدة.
8 - السماح بإقامة وتنظيم المؤسسات المالية الحديثة صناديق الاستثمار - شركات ترويج وضمان الاكتتاب.. الخ)، فمثل هذه المؤسسات إذا ما أحسن تنظيمها وصياغة قوانين عملها يمكن أن تحقق العديد من النتائج الإيجابية ولتمثل عنصرا من عناصر الكفاءة في سوق الأسهم بمعنى ألا تتحول إلى نوع من الاحتكار تمارس من خلاله ضغوطاً على الأسعار لتحقيق مصالح خاصة على حساب الكفاءة في السوق.
ثالثا: من أجل خلق مناخ استثماري، يجب العمل على تشجيع وبمرونة كافية أصحاب الودائع الادخارية في البنوك بالتحول إلى الاستثمار المالي في سوق الأسهم بصفة عامة، وإصدارات التخصيص بصفة خاصة، حتى يمكن أن يخلق ذلك طلباً جديداً على إصدارات التخصيص يسمح باتساع نطاق برنامج التخصيص وانعكاساته على الاستثمار وزيادة فعالياته.
رابعاً: ضرورة أن تقوم أجهزة الإعلام والصحف بالمشاركة في ترشيد صغار المستثمرين وتنمية الوعي الاستثماري لديهم وتوجيههم للاستثمار الطويل والمتوسط، مع التأكيد على ضرورة عدم الانصياع لإشاعات المضاربين المستغلين، ولا سيما أن بث الهدوء والعمل على ضبط النفس في عمليات البيع والشراء في السوق يساعدان بالضرورة على نشر الاستقرار في السوق، والمطلوب في هذا الشأن التأكيد على عملية الإفصاح الإعلامي الواضح وإلى المعايير المحاسبية.
خامساً: متى ندرك كقياديين وإعلاميين وباحثين أن (الاقتصاد النفسي) وهو ما يحكم اقتصاد معاملاتنا، لقد هيمن هذا الأسلوب على معاملاتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وأسلوب بناء تطوير بيئتنا الحياتية وما زلنا نحلل ونتوقع ونناقض ونبرر الواقع أحداث عشناها في (كوخ) المعرفة النظرية كما سقينا منها، لاشك أن إدارة السوق حريصة في استثمار وتوجيه تفعيل إستراتيجيتها المستقبلية بناء على واقع هذه المعطيات ومدركة لواقع رعيتها، لكن أين دورنا ومعنا هيئة سوق المال في إعادة التوجيه لا التنظير في مخاطبة المستقبل المرغوب.
وأخيرا وليس آخراً فإن تطوير وتنمية سوق المال على النحو السابق سوف تتولد عنه - بلا شك - فرصة قوية لإمكانية اعتماد ما يؤكد عليه خادم الحرمين الشريفين في حفظ الحقوق لمواطني هذا القاع في ظل التوعية والتخطيط وقراءة طبيعة السوق من خلال قيادة السوق، ليس العيب أن نفشل في قراءة أي معطيات إذا كان لدينا الرؤية الناضجة في مرونة تعديلها، ولا يعتقد بعضنا بأن (هوامير السوق) أقل حرصا من قيادته في جعل هذا القطاع قيادي في مستقبله، أو رغبة مترابطة في قيادته للأسواق العربية رغم تضارب المصالح!!
كلنا في خندق اللا يقين وهذه طبيعة القطاعات الحساسة والمهيمنة، ولكن الأهم أن ندعم اليقين فيظل قيادة عليا ترعى مسيرتنا وقيادة مكلفة تتمنى تكاتف آرائنا وتؤمن بقرارات توجهنا وفقا لرؤية ناضجة وناجعة. على هذه السوق ممثلة في رئيسها تنفيذ السياسات النقدية والمالية والإرشادية من خلال عمليات السوق المقترحة بروح (النظريات النفسية)، مع التوكيد إن الاستثمار وفق هذا التطور سوف يقلل - بلا شك - من آثار التضخم لأن الأسهم يقابلها حق مالي في أصول ثابتة ومتداولة تزيد قيمتها الحقيقية مع زيادة معدلات التضخم، الأمر الذي سوف يضيف بالضرورة بعداً جديداً في اتجاه تطوير سوق المال بالمملكة.
أ. د. عبد الله بن علي الخريجي
أستاذ التجارة الدولية والتسويق - جامعة القصيم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.