وقت القيلولة يحسن الركون للراحة بعد عناء وتعب النصف الاول من نهار اليوم الجديد في عطلة الاسبوع،وكما نسميها في القرية (حمار القايلة) والتي يمنع خروج الأطفال فيها حتى لاتحرقهم الشمس اويسقطوا في الآبار ويجري تخويفهم ب(حمار القايلة) و (مسدد عيونه بالخرق) وحتى لايذهبوا للآبار (القلبان) يحذرون بأنه سيأتيهم (عبدالسلة) والسلة هي الكمر أو منتصف البير الذي يستريح به الفلاح من تعب الصعود أو النزول لقاع البير، المهم أخذت غفوة بالقايلة وعند قرب أذان العصر جاء آخر العنقود ابنتي المدللة (فيّ) لتخبرني أن جريدة عكاظ قد اتصلت بي فقمت فزعاً لأنني أعرف أنهم لايتصلون إلا في حالة فرح أوترح, كنت ليلة البارحة مع الأستاذ الجهيمان نحاول الاتصال بالصديق عابد خزندار بالمستشفىحيث يرقد شفاه الله وعافاه وكانت حرمه (السيدة شمس) تطمئننا علىصحته وأنه سيغادر المستشفى إن شاء الله في الغد إلى المنزل ولكنه لايستطيع التحدث معكم لوجود الأكسجين في فمه وهكذا,, لقد وسوس الشيطان في مثل هذه الحالة ولكن لم يطل الانتظار وإذا بالاستاذ منصور عثمان على الهاتف واسمع صوته لأول مرة والقاسم المشترك بيننا هو المرحوم عبدالعزيز مشري فقد كان هو الموصل , المهم قال : أنا اتصلت لانقل لك خبر فوز الشاعر/ محمد الثبيتي بجائزة البابطين الثقافية في الشعر لكونك من شجعه للتقدم بها. بعد أن شكرته على هذه البشرى قلت إنني لست إلا وسيط خير، فالذي يشكر هو الناشر والجهة المرشحة، فالشكر يعود لأهله، واهله هم أولاً الاستاذ الدكتور/ يحيى محمود بن جنيد فهو الذي نشر قصيدته الجميلة (موقف الرمال موقف الجناس في العدد 269 لشهر ذي القعدة 1419ه في مجلة الفيصل وثانياً للجهة المرشحة (مكتبة الملك فهد الوطنية) ممثلة بأمينها الاستاذ/ علي بن سليمان الصوينع فهو الذي اقترح ترشيح القصيدة وشاعرها للجائزة،فالمكتبة إحدى المؤسسات الثقافية المناط بها مثل هذه المهمة, وأذكر بصفتي المكلف بإيصال رغبة المكتبة بالشاعر لتهيئة استمارة الترشيح أنني لاقيت الأمرين في العثور عليه, وعند العثور عليه وافق بعد محاولات وعند إرسال الأوراق لاستكمالها لم تعد إلا بوساطات وبمحاولات مضنية ومع ذلك وصلت ناقصة وحاولت إكمال المطلوب على الا تعود له حتى لاتوأد ولاترى النور بعد ذلك,ومع ذلك لم أيأس هو من النوع الذي لايحب الجوائز أو لايسعى لها فهو يعيش في عزلة رغم إبداعه وبروزه أو بمعنى آخر هوكسول جداً قبل عقدين وبشكل ملفت، ومن خلال قصائده الجميلة التي تناقلها الركبان وبالأخص قصيدته الشهيرة (تغريبة القوافل والمطر) وغيرها ودواوينه بدءاً من (عاشقة الزمن الوردي) مروراً ب (تهجيت حلماً,, تهجيت وهماً) وحتى (التضاريس) وحضور المنتديات المحليةوالعربية ولكنه لايحب الاضواء، فهو والحق يقال قد خذلني أمام الاصدقاء بل أمام الجهة التي امثلها سابقاً فقبل عقد ونصف كنت أعمل بالقسم الأدبي بالرئاسة العامة لرعاية الشباب الشئون الثقافية وكنت فخوراً بالكوكبة الجميلة من شبابنا، وقد رشحته مرات عديدة لمهرجانات ثقافية وعربية وخليجية ومحلية، وفي كل مرة يبدي استعداده للمشاركة وتستمر الاتصالات والرجل موافق وتقطع تذكرة السفر ويخرج زملاؤه إلى المطار علىأن يلاقيهم هناك ويذهبون وهو ليس من بينهم، ولاحتى يعتذر، هذا حصل معي لأكثر من اربع مرات أذكر منها مشاركته في مهرجان الشعر والقصة لشباب دول الخليج العربي (عمان ودبي وقطر والبحرين)، بصراحة غضبت منه وشكوته إلى محبيه أذكر منهم محمد العلي وفايز أبّا وغيرهم وبعد عشر سنوات جاءت هذه الفرصة وأينعت وحان قطافها والخوف من الخذلان الا يذهب لاستلام الجائزة في الجزائر بعد أشهر. تذكرت أنني أتكلم بحماس وبالتلفون وأمامي أولادي وامهم والغداء قد برد وعلى الطرف الثاني منصور عثمان وهويسمع ولايقاطع, خجلت واعتذرت وختمت كلامي عندما قال: لعلها فرصة أن يضاعف الثبيتي من نشاطه وأن نرى له أعمالاً جديدة فمنذ اكثر من خمسة عشر عاماً لم يصدر له ديوان جديد, ولعل هذه القصيدة ونشرها وترشيحها وفوزها تكون حافزاً له,قلت: لانريد له مضاعفة للجهد، نريد أن يعود كما كان قبل عقد ونصف العقد فقد كان جميلاً. مسحت دموع الفرح وازدردت لقيمات أمام الأولاد حتى لا يروني بهذه الصورة مهزوزاً أمامهم, اتصلت هاتفياً ولأول مرة من عشرة أعوام بالشاعر الفائز (الثبيتي) لأصفي حساباتي معه ومن حسن الحظ أنني لم اجده ولكن ام يوسف زوجته وأم اولاده ردت عليَّ فرحة مستبشرة فهنأتها وهنأته وبعد ساعة ومع الغروب إذا بصوته المتحشرج (يأتني بلاميعاد (1) ) (ينثال بين حنايا القلب يدفئني يصب في شفتي الشعر والإنشاد,, يعطر الليل من حولي,, ويسرقني على جناحين: من غفو ومن إسهاد، فلست أدري,, إلى أي الدُنى سفري ولست أدري إلى أي المنى انقاد), هنأته وتمنيت له مستقبلا افضل في عالم الشعر والإبداع، وتوالت الاتصالات أذكر منها الأخ عبدالعزيز خزام المشرف على (روافد) الملحق الثقافي لجريدة البلاد وكررت له ما سمعه زميله منصور عثمان من قبل وعادت الذاكرة لحائل قبل عقدين أو يزيد عندما كنت أعمل هناك ولم نعرف بعضاً فرد عليَّ أنه كان طالباً في مقتبل العمر وكأنه يقول وأنت في خريفه,, ولكن الذاكرة أحياناً لاتشيخ فاستحضرت أبا ايمن (جبير المليحان فهوكالطفل المخضرم) أو كما قال أبو عادل محمد العلي فحائل كأي مدينة يحبها أبناؤها ولكنهم يحملون لها المزيد في قلوبهم، فجبير من قصر العشروات بحائل وكفا,انثالت الأفراح وتمنيت مشاركة كل الأحبة وهاتفت هذا وذاك، ولكن بقي منهم من غادر ولاوسيلة لمهاتفته، اقصد (المشري) هذا الذي كان سيفرح أكثر منا كلنا.