تواجدت المجلة الإسلامية في المكتبة العربية منذ القدم، وحضورها بين أيدي القراء كان مبكراً قياساً بالعديد من المجلات الأخرى والألوان الصحفية التي تزخر بها الساحة اليوم، ولكن رغم تلك الريادة، وذلك التواجد المبكر، لم تستطع المجلة الإسلامية أن تفرض نفسها بقوة على صدر المكتبات، وعلى قوائم التوزيع، ومنافذ البيع، ومن ينظر إليها بتجرد ودون إجحاف يجد أنها تراوح مكانها وكأنها لا تدري إلى أين تسير، وإلى أي قبلة تتجه؟ وظلت محصورة في عددها وقليلة في كمياتها، وضعيفة في مضمونها، لم تواكب النقلة الصحفية التي أصبحت سمة العصر من حيث المظهر والمنهج، وما زال القارئ ينظر إليها على أنها غير جديرة بالاطلاع أو على الأقل لم تستطع أن تسد الفجوة بالشكل المطلوب، وتلبي الحاجة الملحة لدى القارئ. المتلقي اليوم على قدر كبير من الوعي والإدراك والبصيرة النافذة بحيث يستطيع أن يميز ويقارن ويفاضل، ولا يمكن المزايدة عليه بالشعارات، لأنه يفهم جمال الإخراج، وتبهره اللمسات الإبداعية الفنية، ويجذبه التحقيق الرشيق المهني الشيق الاحترافي، لكن المجلات الإسلامية ظلت بعيدة عن هذه الأشياء التي تجذب القارئ، إلا القليل جداً منها، ورغم الاجتهادات التي تبدو هنا وهناك ما زالت هذه النوعية من الصحافة عاجزة عن إقناع القارئ بالصورة التي تجعله يقدم على شرائها قبل غيرها بنهم، صحيح إن المطابع تدفع بالعديد من المجلات إلى الأسواق، ولكن الصحيح أيضاً أن أرفف المكتبات و(السوبر ماركت) وغيرها مكدسة بالكثير من تلك المجلات. لا أحد يشخص القضية ويشرحها بطريقة تقود إلى العلاج الناجع، بل الكثير من أهل الصحافة وبخاصة القائمون على أمر المجلات الإسلامية يمضون دون البحث عن حل لهذه الإشكالية، هل المشكلة في الكوادر الصحفية غير القادرة على المواكبة والإبداع، أم أن هناك نقصاً في الدعم المالي، أم هو غياب للرؤية المهنية، وهل تقف الجوانب الفنية والتقنية حجر عثرة لإكمال هذا المشوار؟ أم أن المسألة تتعلق بابتعاد المجلة عن القارئ وعدم معرفتها ماذا يريد؟ وكيف تحقق المجلات الإسلامية رسالتها في ظل هذا التباعد وهذه القطيعة بينها وبين القراء الذين هم رأس الرمح في عملية صناعة صحافة ناجحة ومن يجيب عن هذه التساؤلات إذا كان أصحاب الشأن لا يتوقفون لتقييم الأمر بل يواصلون مسيرتهم رغم كل هذه الحقائق الواقعية المؤلمة؟